الحروف الفواتح

0 تعليق 374 مشاهدة

الحمد لله ربّ العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد, ونشهد ألا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله. علمنا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما, ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء. سبحانه علم الإنسان ما لم يعلم.

أما بعد
فإن الحروف الفواتح لسور القرآن الكريم, هي سرّ الله في القرآن , وصفوة الكتاب , عجز العلماء عن إدراكها .
وقد يسّر الله القرآن للذكر, وأمر رسوله صلّى الله عليه وسلم بأن يبين للناس ما نُزِّل إليهم (.. وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) (النحل)

وحيث أن المؤمنين يؤمنون بأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة, وبين للناس ما نزّل إليهم كما أمره الله, فهل بيّن أيضا الحروف الفواتح ضمن ما بيّن من الذكر؟

وفي كتابه الجامع(فواتح سور القرآن), جمع الأستاذ الدكتور حسين نصّار كل ما قيل في الحروف الفواتح بدءا مما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم, وصحابته الكرام, إلى عصرنا هذا.

وقد راجعت جلّ أقوال المفسرين بدءا من الصحابة رضوان الله عليهم, إلى ما سمعناه من الشيخ الشعراوي, على الجميع رضى الله ورحمته …. وإلى رأي الشيخ شلتوت الذي جمع ماقيل قبله, وعلّق عليه, وإلى ما قاله ابن عربي في فتوحاته. واطلعت على ما قالته الدكتورة حياة عبد العزيز في كتابها عن الحروف الفواتح. وكل هذه جهود مشكورة أسأل الله أن يثيب أصحابها, وأن ينفعنا بعلمهم, وأن تكون هذه المدارسة استكمالا لما بدأوه, وأن يأتي الله بمن يستكمل ما وصلنا إليه, بإذن الله.

كما اطلعت على من حاول ربط الحروف الفواتح بالهيروغليفية, وبالقبطية القديمة, ومن رتب الحروف لكي يحصل منها على جُمَل تؤيد معتقداته غير الإسلامية, ومن حاول تأويلها بحساب الأرقام المقابلة للحروف (الجُمَّل) أو (أبيجاد…)
ولكن المدلولات والمعاني ما زالت بعيدة جدا,

وحين قال الله سبحانه: (ولقد يسرنا القرآن للذكر, فهل من مدَّكِر؟), فهل تستثنى الحروف الفواتح من تيسير القرآن للذكر؟

.. أم أن الحروف الفواتح هي أيضا ميسّرة للذكر, ولكن ما من مدّكِر؟

.. وهل يمكن أن يقصر أحد تيسير الله القرآن للذكر, للعرب فقط؟ والقرآن هدى للناس كل الناس.

إن الله سبحانه يسّر القرآن بكل ما فيه للذكر, يسّره لكل الناس دون استثناء.

ولا ينشأ بناء من فراغ, فكل ما كُتب وقيل, ساعد على الوصول إلى معانٍ جديدة, وأنا أرجو أن يفتح الله سبحانه وتعالي لي معنى جديدا, يكمل ما سبق من اجتهادات, وله الحمد وله الشكر.

لم أكن أقصد بحث الحروف الفواتح, ولم أحاول ذلك, لكن شاء الله سبحانه أن يفتح لي من رحمته, أثناء ادّكاري القرآن, و(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)

والجدير بالذكر, أن إمامي ومصدري هو القرآن الكريم, فبه أبدأ وبه أنتهي, يساعدني في فهمه وبيانه الحديث الشريف الصحيح, واللغة العربية, وهي المصادر التي لا خلاف عليها في فهم كلام الله, يساعد معها علم التجويد بفنونه من مسائل تتعلق بمخارج الحروف وصفاتها وشكل اللسان ومجموعة النطق التي يراها ويعلمها كل ناطق بلسان, أيا كان لسانه عربيا أو أعجميا, ويسمعها بأذنيه كل مستمع.

إنني بعد استعراض كل ماوصلني مما قيل في الحروف الفواتح, أبدأ بداية مختلفة في تناولها, وهي البداية الواقعية التي حدثت معي بالفعل, ولا أبدأ بنتائج مسبقة, ولا بأفكار وأقوال أرجح بعضها وأستبعد بعضها.

وحيث أن الموضوع ما زال قيد البحث, ويحتاج إلى استكمال وتعاون ممن يهمهم الأمر, فإنه قد يدخل فيه افتراضات وتصورات, تجعله لا يقاس بمقاييس البحوث العلمية.

ولهذا فإنني أستعرض الموضوع كما تسلسل معي…. قبل أن أعرض النتائج التي توصلت لها…, وكأنني آخذ القارئ في رحلة داخل عقلي وتفكيري..
(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50))

ولله الحمد من قبل ومن بعد, سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا, إنك أنت العليم الحكيم, سبحان الله ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء, وأستغفر الله من كل ما لا يرضيه, ومن كل خطأ أو نسيان, أو عمد

.. كما ألتمس لدى كل من يقرأ هذا البحث أن يشارك فيه, وأن يتواصل معي حتى نصل إلى الأعماق البعيدة للحروف الفواتح.
اللهم نوّر قلوبنا بالقرآن, وزيّن أخلاقنا بالقرآن, ونجنا من النار بالقرآن, وأدخلنا الجنة بالقرآن.

المقالات

Sub Categories

نريد أن نكون من الذين قال الله فيهم: (ولقد يسرنا القرآن للذكر, فهل من مُدَّكِر!) نحيا بالقرآن, فنتعلم كيف نتدبّره, ونعمل به ونعلمه, كمنهاج حياة, فهو إمامنا نحو بناء الحضارة الإنسانية

روابط المقالات

اشترك

اشترك فى نشرتنا الاخبارية لتتابع جديد المقالات والاخبار

Develop By Quran – Copyright 2012 / 2022 – All Right Reserved

arArabic