● عدت فورا إلى سورة طه, وهي سابقة في نزولها على سورة الشعراء, فوجدت الآتي:
حرف (طا) هو أشد وأقوى حروف العربية,
وحرف (ها) هو أضعف حرف في حروف العربية, حيث ننطقه دون تحريك أي جزء من مجموعة النطق, وهو حرف يخرج مع النفَس,
وبالتالي فقد جمعت (طه) بين النقيضين, القوة والشدة والضعف والرخاوة.
وبالنظر في معاني الآيات في سورة طه[1], وجدت أن الله أعقب (طه) بقوله: (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) أي أنه صلّى الله عليه وسلم كان يشعر بثقل المسئولية, وقد يكون قد شعر بالمشقّة (طا) فنفى الله له ذلك, برخاوة (ها)
وتأتي القصص وتفاصيلها, فتؤكد هذا المعنى, فقد كانت الصعوبات التي واجهت موسى عليه السلام وأمه هي أشد الصعوبات التي يمكن أن تواجه طفلا وأمه, فصيغة أمر الله في سورة طه أشد وأقوى منها في سورة القصص مثلا. (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) قمة الصعوبات (طا), وكانت في سورة القصص (فألقيه في اليمّّ). ثم (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)) قمة السهولة والتيسير (ها).
وكذلك تهديدات فرعون للسحرة ((فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71), وهل سمع أحد على مثل هذا العذاب؟ (طا)
فيرد السحرة عليه(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)), أي استهانة بكل تهديدات فرعون(ها), وثبات على الإيمان.
إذن أستطيع الآن أن أجد معنى للحرفين (طه) يتوافق مع ظروف سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم, ويتوافق مع تفاصيل الأحداث في القصص في السورة, ومع فاتحة السورة (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى), ومع صفة الحرف (طا), والحرف (ها).
وبوضع صفات كل حرف في جدول يتبين ما يحدث عند نطق (طه)
يتحرك النطق من الشدة إلى الرخاوة, ومن الجهر إلى الهمس, ومن الاستعلاء إلى الاستفال, ومن الإطباق إلى الانفتاح, ومن القلقلة إلى الخفاء, ويثبت عند الإصمات في الحرفين.
القلقلة | الإصمات | الإطباق | الاستعلاء | الجهر | الشدة | طا |
الخفاء | الإصمات | الانفتاح | الاستفال | الهمس | الرخاوة | ها |
إن هذا هو أول الخيط في فهم الحروف الفواتح, وهنا لابد من وقفة لعمل خطوات منهجية للدراسة, وتجميع العناصر والعلوم المطلوب الاطلاع عليها لاستكمال الصورة وتوضيحها….
[1] وفي ذلك دراسة منفصلة لسورة طه لمعايير السعادة والشقاء