مسئولية الانسان .. من سنن الله فى خلقه.
فالناس تختلف قدراتهم .. وتتنوع رغباتهم .
والمسئولية.. تنسيق بين القدرات .. وتوفيق لمتنوع الرغبات : يقول الله : (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا )
وقد عمم الرسول صلى الله عليه وسلم المسئولية.. فقال ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ..الأمام راع ومسئول عن رعيته .. والرجل راع فى أهله ومسئول عن رعيته .. والمرآة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها .. والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته .. وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )
سلطات المسئول :
فى أى جماعة من الناس .. لابد للمسئول من هذه السلطات:
- السلطة التنفيذية : وهى التى تمثل الهيبة والوقار لانتظام الجماعة فيما بينها ، وأمام الآخرين .
السلطة التشريعية: التى تنظم علاقات الجماعة بعضها ببعض ، وبينها وبين جماعات أخرى .
االسلطة القضائية :للفصل فى الاختلاف الذى قد ينشأ من تطبيق التشريع .
ولابد من احترام هذا الترتيب نفسه .
ينطبق هذا على الأسرة ، كما ينطبق على الشركات ، وعلى الدول أيضا ، بل وعلى تجمعات الدول واتحاداتها .
وقد جمع الله لداوود – عليه السلام – هذه السلطات فى آية واحدة فقال :
( وشددنا ملكه ، وآتيناه الحكمة ، وفصل الخطاب )
شد الله ملك داوود أولا ، فأعطاه الهيبة والوقار ( السلطة التنفيذية ) ،
ثم آتاه الحكمة ، وهى التشريع المنظم للحقوق والواجبات ، فالحكمة هى التى تحدد ما ينبغى أن يفعل ، وما ينبغى ألا يفعل ( السلطة التشريعية )
ثم فصل الخطاب ، وهو الفصل فى فرز الحق من الباطل ( السلطة القضائية ) ؛
ولابد من احترام هذا الترتيب.
وفى عالم الأعمال ، يتم اختيار رئيس الشركة أو المؤسسة ، الذى يقر عقدها وتعاقداتها مع العاملين ، ومع الموردين ومع العملاء ، والجهات المختلفة ، ثم يضع قواعد سير العمل فى الشركة ، ثم تفصل الشئون القانونية فى خلافات التطبيق .
صفات المسئول.. وواجباته :
لابد من توافر صفات خاصة فى المسئول.. لكى يتمكن من أداء وظيفته بنجاح ؛ منها :
أن تكون لديه دراية وقدرة كافية – قدر الامكان – بكل شئ فى مؤسسته ، وكلما اتسعت قدرته وعلمه لأمور مؤسسته ، كلما استقرت له السلطة.. فيها أو الملك فيها .
ولله المثل الأعلى ، فهو سبحانه ( بيده الملك وهو على كل شئ قدير ) فالملك بيده حيث أنه على كل شئ قدير ولايستطيعها الا الله ،لذا بدأت الآية ( تبارك ) .
تميز المسئول على الناس ، بأية ميزات ، حيث جاء فى قصة طالوت ( ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم ) . ولايشترط تميزه عليهم فى المال ، حيث لم يعتد بحجة الملأ من بنى اسرائيل حين قالوا عن طالوت ( أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ).
أن يكون المسئول متفهما لأساليب ولغة من يتولى مسئوليتهم ، ، وفى هذا يقول الله ( وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم ).وأن يكون أسلوبه ولغته واضحة للناس يفقهونها ، حيث طلب موسى عليه السلام من الله ( واحلل عقدة من لسانى . يفقهوا قولى).
أن يكون ذا هيبة فى الناس ، فمن قول قوم شعيب ( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول ، وانا لنراك فينا ضعيفا ، ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز ) .
رغم أن المفروض أن يطيع الناس من يولى عليهم ويكون قادرا على أداء هذه المهمة ، بصرف النظر عن هيبته فيهم .ولكن بالتأكيد فان الهيبة تساعد المسئول على طاعة الناس له
أن يلتزم المسئول بالحق ويبتعد عن الهوى ـ هوى نفسه أو هوى حاشيته ، وهذا ما أمر الله به داوود حين جعله خليفة فى الأرض ( فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )
الرحمة فى معاملة رعيته لكى يلتفوا من حوله ، وكانت هذه صفة الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ..).
أن تغمر روح العفو ؛ العلاقة بين المسئول وتابعيه ؛ ويساعدهم على التخلص من أخطائهم : أمر الله رسوله ( .. فاعف عنهم واستغفر لهم ..).
أن يتشاور المسئول مع تابعيه فيسألهم رأيهم وخبراتهم ( .. وشاورهم فى الأمر ..).
بعد المشاورة ؛ عليه أن يرتب أموره ، ويعزم أمره ، ثم يتوكل بعد ذلك على الله ( .. فاذا عزمت فتوكل على الله .. ).
انشاء صلة بين الناس وربهم ، مبنية على المراقبة بالغيب ، لكى يتربى فيهم ذلك الشعور الذى يجعلهم يخلصون فى غياب مراقبة الادارة وفى المواضع التى لايراهم فيها الا الله ، وفى ذلك يقول الله 🙁 الذين ان مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة ) وهذه الصلة تبدأ باقامة الصلاة ، أى الحث عليها فى جماعاتها ، واقامة حدودها وصيانة نتائجها ..
( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) .
التكافل الاجتماعى بين الناس ؛ لكى لاتترك الفوارق الشاسعة بين طبقاتهم ، تؤدى الى الأحقاد والطبقية المدمرة ، ويكون هذا التكافل بايتاء الزكاة ، التى تشعر الفقير من العاملين بأنه موضع عطف واهتمام الغنى منهم وأنه له حق معلوم فى أموال الأغنياء ( .. وآتوا الزكاة ..)
من واقع سلطة المسئول.. القادر على الأمر والنهى ، فان من واجبه مراقبة التصرفات وترشيدها ، وعدم ترك فرصة للأمر بالمعروف الا وتأمر به ، ولا منكر الا وتنهى عنه ( .. وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر .. ) .
عدم السعى للافساد فى الأرض واهلاك الحرث والنسل فلا يفسد البيئة ، ولايتبع سياسات مبنية على افساد الذمم واللعب على النفوس الضعيفة ، والمنافسة غير الشريفة ، والغش والتدليس على العملاء ، ولايقدم منتجات ضارة بالصحة ولا بالأخلاق وقد ذم الله فى القرآن مثل هذا المسئول ، فقال عنه .. ( واذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ، والله لايحب الفساد ) .
سماع النصيحة وعدم التكبر : فالنصيحة المخلصة أصبحت نادرة ، لذا يذم ذلك الذى : ( واذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد )