تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) (سورة الملك)
في سورة الملك, يصف الله – جلّ شأنه- نفسه بأنه الذي بيده الملك, وهذا يعني أنه لا أحد غير الله بيده الملك, فهو وحده لا شريك له, الذي بيده الملك, وهو على كل شيء قدير.
والقارئ لسورة الملك يفهم أن الطبيعة إنما يحركها الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير:
· فكما أنه خلق الموت, فقد خلق الحياة
· وكما أنه هو العزيز الذي يقهر ولا يُقهر, أعد عذاب جهنم وبئس المصير للذين كفروا بربهم, فهو أيضا الذي الغفور الذي أعد للذين يخشون ربهم بالغيب مغفرة وأجرا كبيرا.
· وكما خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت, وكما جعل الأرض ذلولا , وأمرنا أن نمشي في مناكبها وأن نأكل من رزقه؛ فإنه جلّ وعلا لا يؤمَن أن يخسف بنا الأرض فإذا هي تمور, أو يرسل علينا حاصبا.
· كما أنه جعل النجوم مصابيح زين بها السماء الدنيا, فإنه جعلها رجوما للشياطين
· وكما يعلم ما نُسرّ من قولنا, فهو يعلم ما نجهر به
· وكما أنه يمسك الطير وهنّ صافات, فهو يمسكهن وهن يقبضن
· وكما ينصر, فهو يهزم جندا لنا
· وكما يرزقكم, فإنه إن أمسك رزقه لا يرزقنا أحد غيره
· وكما يهدي إلى صراط مستقيم سوي, فإنه يضل من لم يتبع سبيله فيمشي مكبا على وجهه
· وكما أنشأنا وأخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا, فهو الذي جعل لنا السمع والأبصار والأفئدة
· وكما أنه ذرأنا في الأرض, فإنه يميتنا ويحشرنا إليه
· وكما أنه قادر على إهلاكنا, فهو قادر على رحمتنا
· وكما يرزق بماء معين, فإنه القادر على أن يجعل ماءنا غورا
…… ألا له الخلق والأمر؟!
فماذا بقي لنا؟
وماذا بيد أحد من الناس؟
وماهي الأشياء التي يقدر عليها أحد غيره؟
تبارك الذي بيده الملك, وهو على كل شيء قدير!
وصدق الله العظيم: (ما يفتح الله للناس من رحمة, فلا ممسك لها, وما يمسك فلا مرسل له من بعده, وهو العزيز الحكيم) (سورة فاطر)
ولا نستطيع إلا أن نقول, بإيمان ويقين….
ولا حول…. ولا قوة… إلا بالله.
إن اسم الله (الذي بيده الملك) أو اسم الله (مالك الملك) يحتاجه الإنسان حين يجد نفسه عاجزا عن تحقيق ما يريد, وهو يحاول ويتخذ كل الأسباب الممكنة, ولكنه ليس بيده كل الأسباب, ولا يستطيع أن يتحكم في كل العناصر, ولا أن يجبر الأطراف المؤثرة على النتيجة. وقد يظن البعض أن أمرا ما بيد فلان أو علان من الناس, وأنه لو فعل كذا لتم له ما يريد, وقد يدفعه ذلك إلى أن يتملق لهذا الفلان, أو ينافقه, أو يحاول رشوته أو ابتزازه بأي أسلوب, وهو يظن أن بيده من الأمر شيء.
حينئذ يدعو المؤمن ربه باسمه الأعظم في هذا الموقف- وكل أسمائه أعظم – فيقول (يا من بيده الملك, وهو على كل شيء قدير, يا مالك الملك) ويقرأ (تبارك الذي بيده الملك, وهو على كل شيء قدير) يقرأها المؤمن ويدعو الله بهذا الاسم من الأسماء الحسنى, وهو موقن أن الملك بيد الله وحده لا شريك له, وأنه على كل شيء قدير, قدير على أن يحقق له ما يريد, وقدير على أن يمنع عنه ما يريد مهما كانت الأسباب التي اتخذها ومهما اشترك معه من الناس من يظن أن بيدهم شيء.
إن المؤمن يتخذ كل الأسباب, ويتعاون مع كل من له دخل ويد في الأمر, ولكنه في كل الأحوال, يوقن بأن الذي بيده الملك هو الله وحده لا شريك له, وهو على كل شيء قدير. ولا أحد غيره بيده الملك.
إن القارئ لسورة الملك, يمكن أن يستخرج منها الأسماء والصفات الآتية:
- الذي بيده الملك
- وهو على كل شيء قدير
- خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا: فهو يحاسب على أساس أحسن العمل, فالناس جميعا يعملون, ولكن المسابقة والابتلاء مجاله (أيكم أحسن عملا)
- وهو العزيز: الذي لا يقهر, الذي يملك أسباب الغلبة والنصر, والقادر على تحقيقها.
- الغفور: فهو يغفر هنات وذنوب الناس ويعفو وهو القادر على أن يهلكهم بذنوبهم (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة)
- الدقة, والإعجاز في حسن الأداء (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) )
- الرحمان: القادر على ما لا يقدر عليه أحد.
- الله جميل يحب الجمال والتزيين: فقد زين السماء الدنيا بمصابيح
- رجم الشياطين: يمنع الشياطين ويطاردهم ويهددهم بالعذاب, بنفس الزينة التي زين بها السماء الدنيا, فهو القادر سبحانه على أن يضع في الأشياء صفات متضادة, زينة وفي نفس الوقت رجوما للشياطين
- وهو سبحانه لا يعاقب حتى يبعث رسولا نذيرا. وذلك من رحمته بعباده, ينذر الذين كفروا بربهم, بعذاب جهنم وبئس المصير, وهذا العذاب غيب, من آمن به واتقاه, وقاه الله, ومن لم يعتد بإنذار الله, نال هذا العذاب وهو يستحقه, وما ربك بظلام للعبيد.
- يمنح الأجر الكبير للذين يخشون ربهم بالغيب
- عليم بذات الصدور: يعلم خلقه وما في صدورهم
- وهو اللطيف: يصل إلى ما يريد بلطف ويسر, دون أن يشعر الناس, وما مسّه من لغوب
- الخبير: لا يقتصر علمه فقط على ما حدث, ولكنه يعلم كل ما يمكن أن يحدث على سبيل الاحتمال, فكل ما يمكن أن يصدر من أعمالك, سواء فعلته أم لم تفعله, فإن الله سبحانه خبير به, فإن فعلته فهو عليم بما تفعل على وجه التحديد, ويسجلها عليك, ويحفظ البيانات ويصنّفها بخبرته سبحانه.
- هو الذي جعل الأرض ذلولا: لتيسير الحياة على الناس
- الرزق: يوفر الرزق للناس, ويأمرهم أن يأكلوا من رزقه.
- وإليه النشور: إليه المرجع والمآل والمثول للحساب
- ذو رهبة: فالذي بيده الملك, قادر على أن يخسف أو يرسل العذاب, كما أنه قادر على جعل الأرض ذلولا, والسماوات طباقا لا تفاوت فيها.
- إذا وعد أو توعد أنجز: (فستعلمون كيف نذير) (فكيف كان نكير)
- إنه بكل شيء بصير: له رؤية وبصيرة بكل شيء
- ناصر, لا يقهر: لا ناصر من دون الرحمان, ومن يقول بغير ذلك فهو في غرور.
- رزاق مانح مانع: له قدرة على المنح والمنع, فهو الذي بيده الملك سبحانه.
- يبين الصراط المستقيم:
- منعم : هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة, يستحق الشكر جلّ شأنه
- هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون
- مجير: يسعف وينقذ من يلجأ إليه
- يهلك أو يرحم: فهو الذي بيده الملك
- هو الرحمان آمنا به وعليه توكلنا
- الهادي من الضلال
- هو المانح للماء المعين, والقادر على أن يجعله غورا