بناء الشخصية العامة:
اختار الله من بين خلقه عبادا أرسل فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون, وأمام ذلك, كلفهم بتحمل مسئولية تبليغ دعوة الله إلى الناس ذكرا وشكرا.
ومن هذه الزاوية, فإن الشخصية المسلمة ينبغي أن تتميز بصفات الشخصية العامة, الصامدة, المتبعة المنفتحة الأمينة المبلغة.
الشخصية المسلمة شخصية عامة, مسئولة عن الناس أجمعين وتحمل همومهم
.. شخصية إيجابية وليست سلبية,
.. شخصية صامدة تبذل كل التضحيات بالنفس والجسد والمال والطعام والشراب حتى القتل في سبيل الله.
.. وهي شخصية متبعة لهدي الله في كل أمورها,
.. وهي شخصية منفتحة, لا ترفض تجارب السابقين وخبرات العالمين, وإنما تقيسها على هدْي الله سبحانه, فتأخذ منها ما لا يخالفه. وتقوّم وترفض ما يرفضه ويناهضه.
.. وهي شخصية أمينة على تبليغ ما يصل إليها من هدي الله, وعدم كتمانه, حيث بذلك تصل دعوة الله إلى الناس, بعد أن اكتملت رسالاته إليهم بالقرآن, وختم أنبياءه ورسله بخاتمهم صلّى الله عليه وسلم.
وحيث أن كبار المسئولين العموميين يحتلون مواقع غاية في الخطورة والتأثير على مصالح الناس والحياة, فإن الله سبحانه قد أفرد لهم في سورة البقرة مساحة كبيرة لاستعراض صفاتهم, وانتقاد مسالك بعضهم.
وحيث أن الله قد كلف المسلمين بالمسئولية العامة, فإنه يبني الشخصية العامة فيهم, التي تتعدى مسئولياتها الحدود الشخصية في النفس والأهل, لتشمل الناس أجمعين, وما يحيط بهم من ثروات الأرض والسماء, وبيّن خصائص تلك المسئوليات التي تنفع الناس قبل أن تنفع صاحبها, بل إنها قد تصيب صاحبها في نفسه وماله وحياته كلها.
والآيات التالية تُعمل العقل في الوصول إلى الله, واتباع هديه وبيانه, وترتيب الأولويات للشخصية العامة والعمل العام,
.. وتتلوها آيات البر وما بعدها فيها إعمال التقوى في تنفيذ تكليفات الله وأوامره ونواهيه
وتركز الآيات على بيان تلك الخصائص كالتالي:
الصبر والصمود:
إن المسئول العام يتعرض لما لا يتعرض له من يعيشون في الظل بعيدا عن المسئولية, وبالتالي فإن الله يبدأ في تأهيله بالصمود أمام المخاطر, التي قد تودي بحياته نفسها, وتصيبه في أمنه وطعامه وماله ونفسه, ويعينه على الصمود أمام مخاطر التصدي للمسئولية العامة بالاستعانة بالصبر والصلاة,( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157).
المرونة وقبول الآخر:
وحيث أن الشخصية العامة في مجتمع يسمح بالتعددية في العقيدة, لابد أن تتحلى بالمرونة وقبول الآخر, واستيعاب الثقافات المتعددة, فإنه أشار إلى قبول السعي بين الصفا والمروة رغم أن الكافرين في الجاهلية كانوا يطوفون بهما وعلى الصفا صنم يدعى أسافا, وعلى المروة صنما لأنثى تدعى نائلة, وذلك لأنه أصلا من شعائر الله قبل وضع الأصنام عليه, (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158), ومثله كل عادة أو كل الطبائع في شعوب وأمم وطوائف مختلفة, فإنها تعرض على شريعة الله وشعائر الله, وتعتمد وتُقبل إن لم تكن مخالفة, أو ترفض إن خالفت. والمسئول العام إن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم.
أخبرهم الله أن الصفـا والـمروة من شعائر الله، وكان من سنة إبراهيـم وإسماعيـل الطواف بـينهما.
ليست كل أفعال السابقين خاطئة, فما كان منها من شعائر الله, فلا جناح علينا أن نفعلها.
علينا ألا نرفض مبدئيا أفعال السابقين, أو أفعال المخالفين لنا, ولكن نعرضها على كتاب الله, فما كان منها موافقا له, فلا جناح علينا أن نفعلها, وما كان غير ذلك, فلا نفعلها.
وفي الاستمرار على شعيرة سابقة موافقة لشعائر الله, دليل على مرونة الدين, واستقطاب لمن تعود على شرائع أجداده, أن الدين لا يرفضها لمجرد أنها من شعائر السابقين, وإنما يراجعها على شعائر الله.
لقد بدأت شعائر الله يعلمها لإبراهيم عليه السلام الذي يرفع القواعد من البيت هو وإسماعيل, ثم أدخل المشركون على البيت أصناما يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى, فصحح الله برسالته الخاتمة العقيدة في قلوب الناس أولا, ثم في واقعهم بأن حطم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصنام المادية في مكة بعد الفتح, بعد أن حطمها في قلوب الناس بالعقل والقلب والمنطق والحكمة والموعظة الحسنة, حتى إذا تحطمت لم تقم لها قائمة في قلوب الناس وعقولهم حتى اليوم, والحمد لله رب العالمين. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفل والفسوق والعصيان, واجعلنا يا رب من الراشدين.
مسئولية التبيين للناس:
والشخصية المسلمة العامة, عليها مسئولية التبيين للناس, وعدم كتمان ما أنزل الله في الكتاب, حيث إنه من خلالها سوف تصل دعوة الله إلى الناس, تلك الدعوة التي لا تخص فئة دون فئة ولا طائفة دون طائفة, ولا زمنا دون زمن. بل إن الله جعل كتمان ما أنزل من الكتاب والهدى كبيرة عظيمة من الكبائر التي تستوجب لعنة الله ولعنة اللاعنين.
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)
وقد بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم لنا كيف نفعل ذلك, حين قال: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان) وفي إنكار المنكر بيان لما أنزل الله من البينات والهدى, فالمؤمن في بلاد غير مسلمة, يجتنب الخمر والميسر وأكل لحم الخنزير, ولا يقرب الزنا, ولا يرضى عن ظلم, يعلن ذلك ويبينه بإنكاره له, وبعدم ممارسته, وذلك أضعف الإيمان, فإن استطاع أن يغير بلسانه بأن يعلن ما أنزل الله من البينات والهدى, فليفعل, وإن استطاع أن يغير بيده, فذلك أقوى الإيمان. أما أن يعايش المنكر, ولا ينهى عنه, ولا يأمر بمعروف, فإن ذلك من الكبائر التي تستوجب لعنة الله والعياذ بالله, نسأل الله السلامة.
وفي التبيين مسئولية تقع على الذين آمنوا تجاه الذين كفروا وماتوا وهم كفار. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162) إن المسلم يتحمل مسئولية تبيلغ رسالة الله لهم قبل أن يموتوا. وكلمة (ثم ماتو وهم كفار) متميزة في آيات القرآن التي تتحدث عن مصائر الذين كفروا. فالكافرون في الدنيا في أعناق المؤمنين أن يبلغوهم رسالة الله وليس علينا هداهم. وكلما مات أحد من الذين كفروا, أشعر كمسلم أنني ربما أُسأل عنه هل أبلغته؟ والهداية على الله, ولكن التبيلغ على المسلمين.
الاتباع:
لقد جعل الله الإنسان في الأرض خليفة, والخليفة مسئول عن تنفيذ تعليمات الذي استخلفه. وليس له أن يجتهد في شيء من تلك التعليمات, وإنما يكون اجتهاده في أساليب تنفيذها.
والشخصية المسلمة المسئولة باعتبارها ورثت الكتاب بعد انقطاع الوحي, وبعد الرسول الخاتم والرسالة الأخيرة الجامعة من الله للإنسان, تلك الشخصية ليس لها أن تبتدع منهاجا من عندها, وإنما عليها الاتباع والطاعة لله, وفي إطار ذلك لها أن تجتهد في التنفيذ والتطبيق ما تشاء, فهي طائعة لإله واحد لا إله إلا هو, (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)) يخضع له خلق السماوات والأرض المسخر لعباده, فعليهم أن يطيعوا مثله حتى لا يتصادموا مع سائر الخلق. واستعرضت الآيات كل أشكال اتباع غير الله, فهناك من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله, ومن يتبعون بعضهم بعضا, ومن يتبع خطوات الشيطان, ومن اتبعوا ما ألفوا عليه آباءهم, ومن كفر بالاتباع كليا. كما ضرب الله مثلا في طاعته حتى فيما يأكل الناس وفيما يشربون.
● اتباع سلطان الله الواحد(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)
● وآياته في السماوات والأرض, الناتجة عن تحرك خلق الله, وفيها دليل على اتباع الخلق له سبحانه بما ينتج عنه كل النفع للإنسان وللخلق أجمعين (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)).
● وهناك من الناس من يتخذ من دون الله أندادا, فلن ينفعوهم يوم القيامة, حيث يتبرأون منهم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)
● وهناك ناس يتبع بعضهم بعضا من دون الله, وبالمخالفة لما أنزل الله, فيبين الله ما سيقعون فيه يوم القيامة من خلاف وتبرؤ متبادل بين الفريقين (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)
● وهناك من يتبع خطوات الشيطان(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)
● وهناك من يتبعون ما ألفوا عليه آباءهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)
● وهناك من لا يتبعون شيئا, بل يتبعون أهواءهم, فيكونون كمثل الذي ينعق بما لا يسمع (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)
● وهناك من يعلم ما أنزل الله وما أحلّ وما حرّم, فيتبع هدْي الله حتى في طعامه وشرابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)
● وهناك من يعلم ما أنزل الله من الكتاب فلا يتبعه, بل يكتمه ويشتري به ثمنا قليلا (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)