منهاج بناء الحضارة الإنسانية

0 تعليق 1.1k مشاهدة

إن التغيير العظيم غير المسبوق لوجه الأرض وتطور الناس والمادة فيها بعد نزول القرآن, يجعل المتدبر للقرآن بترتيب نزول سوره يبحث عن كيفية بناء هذه الحضارة الإنسانية التي نفع الله بها الإنسان كل الإنسان بصرف النظر عن عقيدته. هذا المنهاج يمكن بمدارسته أن نجد الوسائل التي نعالج بها الخلل الذي يحدث في الحضارات, وفي أفراد الناس أيضا. بل ويمكن أن نستكمل بناء الحضارة الإنسانية, وتعديل مسارها لتكون كما يحب الله ويرضى, كما يمكن إعادة بناء الحضارة حين تنهار مقوماتها في أمة من الأمم

يتناول هذا الباب الخطوات التي بنى بها القرآن الحضارة الإنسانية, في مجموعات من السور المرتبة حسب تاريخ نزولها.

تبدأ ببناء الإخلاص في مجموعة من الناس الذين يتولون متابعة خطوات البناء, بدءا من إعداد الإمام في (اقرأ) إلى سورة الإخلاص في اثنتين وعشرين سورة

ثم مرحلة المشاركة, والتي يُدعى كل طوائف المجتمع إلى المشاركة في البناء, بصرف النظر عن معتقداتهم, فدائما يبحث الداعية عن أوجه الاتفاق مع الآخر ويستثمرها للوصول إلى مرادات الله, على أساس الاشتراك في الإنسانية عموما, في خمس عشرة سورة من النجم إلى القمر (بترتيب النزول)

ثم مرحلة القيادة, وفيها يتضح دور القائد الفرد, ثم الأمة القائدة, ومرجعية القيادة ومحدداتها, وتربية الأطفال ليكونوا قادة في المستقبل, وذلك في سبع سور من ص إلى مريم. سبع سور

ثم منهاج مواجهة وحل الأزمات, وتتضمن كل السور التي في فواتحها على حرف ط(من طه, إلى طسم القصص) خمس سور

ثم منهاج بناء الحكمة والتي هي أساس التشريع, وتتضمن كل السور التي في فواتحها ألر, ما عدا سورة إبراهيم, (من الإسراء إلى سبأ)تسع سور

ثم فصل الخطاب الذي هو أساس النظام القضائي والفصل في المنازعات, وتتضمن كل السور التي في فواتحها حم, (من الزمر إلى الأحقاف في ثماني سور

ثم منهاج العمل, أهدافه ونتائجه, ومجالاته, ومعاييره, وأسباب فشله,(من الذاريات إلى نوح) في خمس سور

ثم قواعد الحركة لنشر المنهاج للناس في كل مكان وزمان, في سورتي إبراهيم والأنبياء

ثم ترقية الصالحين, في سورتي المؤمنون والسجدة

ثم معالجة الطالحين, من سورة الطور إلى المطففين, في إحدى عشرة سورة, وبها ينتهي القرآن المكي

ثم يبدأ القرآن المدني, وفيه المنهج الحركي للقرآن وبه تنشأ الدولة, والحضارة كلها

فسورة البقرة, تمثل دور الحكومة التنفيذية ومسئولياتها العامة, في داخل البلاد, (ويكون الدين لله)

وسورة الأنفال, تتحدث عن أهداف القتال, فللدولة المحترمة جيشها, استعدادا لاحتمال تصاعد الخلاف إلى حد الاقتتال, وهو كره لنا, عندئذ فإن القتال لا يستهدف الاستيلاء على ثروات الأمم, ولا استعباد شعوبها, وإنما هدفه أن يكون الدين كله لله, فيحكم الناس بعدالته سبحانه كما جاءت في القرآن

وسورة آل عمران, تمثل الاستعداد ليوم ينزل فينا عيسى ابن مريم عليه السلام حكما مقسطا, وإلى هذا الحين, فعلينا دور هام في التقريب بين الذين يؤمنون بآيات الله, ودعوتهم إلى كلمة سواء, ودعوة الذين كفروا بآيات الله بالحكمة والموعظة الحسنة, في نفس الوقت الذي نستعد لمواجهتهم إن احتدم الخلاف ووصل إلى القتال

ومازال البحث جاريا في بقية السور المدنية للتعرف على موضوع كل سورة منها فيما يخص بناء الحضارة الإنسانية إن شاء الله

وفي النهاية, يصل بنا القرآن الكريم إلى آخر سوره نزولا, إلى نصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله أفواجا, وما الذي ينبغي أن نفعله عندئذ للمحافظة على النصر والفتح

نسأل الله تعالى التوفيق ومن العمل ما يرضيه, ونسألكم الدعاء والنصيحة

Sub Categories

نريد أن نكون من الذين قال الله فيهم: (ولقد يسرنا القرآن للذكر, فهل من مُدَّكِر!) نحيا بالقرآن, فنتعلم كيف نتدبّره, ونعمل به ونعلمه, كمنهاج حياة, فهو إمامنا نحو بناء الحضارة الإنسانية

روابط المقالات

اشترك

اشترك فى نشرتنا الاخبارية لتتابع جديد المقالات والاخبار

Develop By Quran – Copyright 2012 / 2022 – All Right Reserved

arArabic