أفلا يتدبرون القراّن

يقول الله تعالى في سورة القمر: “ولقد يسرنا القرآن للذكر, فهل من مدّكر”

ويقول سبحانه في سورة النحل: “وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم, فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر, وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم, ولعلهم يتفكرون”

ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم, إلا نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرحمة, وحفتهم الملائكة, وذكرهم الله فيمن عنده”

القرآن دليلنا للحياة ولرضا الله والجنة, ولكي نستفيد منه أمرنا الله بتدبره.
ولي في ذلك ممارسة وخبرة قليلة, أذكرها هنا, سائلا القارئ أن يتواصل معي بالنصيحة والتصحيح والزيادة

في هذا الباب, نحاول تحقيق كيفية تدبر القرآن بوضع قواعد للتدبر جمعت من كتاب الله ومن سنة رسوله صلّى الله عليه وسلم, ثم من كتب العلماء الأفاضل في كيف نتدبر القرآن, وكيف نتعامل مع القرآن العظيم, وفتاوى دار الإفتاء المصرية, ومن خبرات شخصية في توفير الوقت للتدبر,

كما نحاول الاتفاق على أسلوب التدبر, فأذكر الأساليب التي توصلت إليها من الممارسة والمدارسة مع إخوة أفاضل كما نصح رسول الله صلّى الله عليه وسلم,
كما نذكر المراجع التي يجب الرجوع إليها, والتي تم الرجوع إليها في المدارسة والتدبّر

ونذكر ترتيب نزول سور القرآن في مجموعات متتالية تبين لي أن كل مجموعة تمثل جانبا من جوانب الحضارة الإنسانية التي بناها القرآن الكريم.

كما أذكر أصح ما توصلت إليه من بيانات شجرة الأنبياء التي تفيد كثيرا في تدبر القرآن

ومن واقع الممارسة العملية, التي يختلف الناس فيها, يتبين لي أن كل إنسان له نظرته للقرآن ولتدبره, وأن الله قد أمر الناس أجمعين بتدبر القرآن, حتى الكافرين منهم, فقال سبحانه: أفلا يتدبرون القرآن, أم على قلوب أقفالها” لهذا فإن المدارسة بين الناس نصح بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم

ومن هنا ننظر إلى القرآن من زاوية رؤية جديدة. ثم ننظر لخلاصة القرآن المكي ومقصد كل سورة كخطوة في سبيل بناء الحضارة الإنسانية

ولقد جاء في القرآن الكريم ألفاظ كثيرة عن التعامل معه, منها التلاوة, والترتيل, والقراءة, , والاستماع, والإنصات, والتدبر, والتفكر, ويعقلون, ومدّكر, والاستنباط, والتهجد به, وفي الحديث: يتدارسونه بينهم

ونصح الصحابة رضوان الله عليهم بألا يكن همك آخر السورة, وكانوا رضوان الله عليهم يتوقفون عند الآيات, ويتدارسونها
والتلاوة بغرض التبرُّك بالقرآن مطلوبة أيضا, ولكنها ليست كافية, حيث قد يقرأ أحد القرآن دون تفكر فيه, والقرآن يلعنه, كمن يقرأ: ذمّا للكاذبين وهو يكذب

وقد هدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أن الله يجعل لنا بكل حرف حسنة, والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول ألف لام ميم حرف, ولكن ألف حرف, ولام حرف, وميم حرف, وقد أخذت من هذا الهدي تشجيع رسول الله لنا لمداومة القراءة والإكثار منها, كمرحلة أولى, للاعتياد على التلاوة

كما فهمت من هدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين سئل عن التلاوة بفهم وبغير فهم, أنه أجاب ” بفهم وبغير فهم” أنها مرحلة ثانية لكي لا يتوقف التالي للقرآن عند ما يفهمه وإنما يتلو كل القرآن حتى لو لم يكن يفهمه الآن, حيث لا يوجد فهم واحد للقرآن وإنما هو متجدد المعاني في كل زمان ومكان وظروف, ولم أفهم أبدا أن يظل الإنسان يقرأه بغير فهم ولا محاولة للفهم من وقت طفولته إلى وقت شيخوخته, وإنما على الأقل يجب على التالي للقرآن أن يحاول الفهم والتدبر, كما يفهم ذلك من القرآن نفسه, ومن الأحاديث الشريفة

وفي هذا القسم أذكر أدوات مهمة للفهم والتدبر, وخبرات خاصة في توفير الوقت وفي ممارسة التدبر والتفكر في القرآن الكريم
اللهم نوِّر قلوبنا بالقرآن, وزين أخلاقنا بالقرآن, ونجنا من النار بالقرآن, وأدخلنا الجنة بالقرآن

اللهم اجعل القرآن لنا في الدنيا قرينا, وفي القبر مؤنسا, وعلى الصراط نورا, ومن النار سترا وحجابا, وإلى الخيرات كلها دليلا وإماما
الله علمنا منه ما جهلنا, وذكرنا منه ما نُسّينا, واجعلنا نؤمن بمتشابهه, ونعمل بمحكمه, ونحل حلاله, ونحرم حرامه
الله اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, ونور أبصارنا, وجلاء همومنا, وذهاب غمومنا
الله اجعل القرآن نورا من بين أيدينا ومن خلفنا, وعن أيماننا وعن شمائلنا, ومن فوقنا ومن تحتنا, وفي أقوالنا وأفعالنا, وفي بيوتنا ومجتمعاتنا, وفي حكامنا وحكوماتنا
وأسأل القارئ أن ينصحنا ويصححنا فالدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه, ولأئمة المسلمين وعامتهم
آمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين