يقول الله : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)[1].
التفويض شىء جوهري فى إدارة الأعمال .. فمن المستحيل على رب العمل تنفيذ كل الأعمال بنفسه ،
فاذا أردت لأعمالك التطور والاتساع فإنك لابد أن تفوض بعض سلطاتك إلى شخص آخر ، وتتأكد من حسن تنفيذه لها . وهو لايوفر لك فقط فرصة لتخفيف الأعباء عن نفسك ، ولكنه يوفر فرصة لتطوير عملك وتنفيذ أعمال أخرى ، وبالتالى زيادة العمل والانتاج .
والتفويض استثمار لقدرات كامنة فى الآخرين ، فموظف مكبل الحرية لايقدر على شئ ، لايستوى هو وموظف له صلاحيات مالية وادارية .
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)[2]) .
فالمملوك لايملك حرية التصرف ، فلا يتدرب ، ولاترتفع قدراته وكفاءته .
أما من تعطيه مسئولية فى مال أو أصول مثمرة منتجة ، وهو يحسن التصرف فيها ويختار الأفضل فى وسائل استثماره ، وهو مستأمن فى أن ينفق منه سرا وجهرا ، فذلك لايستوى مع المملوك الذى لايقدر على شئ .
وهذا المثل ، يوضح الفارق بين من لايملك حرية التعبير ، ومن يملكها ، فالأول ( أبكم ) لاينطق عدلا ولا نصحا ، وهو ( لايقدر على شئ ) حيث لم يتدرب على عمل صالح ، ( وهو كلٌّ على مولاه ) ـ عالة غير مفيد ، بل هو معرقل ، وبالتالي فإنه نتيجة لصمته وضعفه ( أينما يوجهه لايأت بخير ) .
1] النحل
[2] النحل