والمسئولية أمانة ، لو علم المسئول ماهى واجباته وأبعاد مسئولياته ، ثم التزم بها فإنه سيؤديها بكفاءة ..
لكن.. ، إن عرف وترك .. أى كان ظلوما ، أو إن لم يعرف وكان جهولا ، فإنه يخفق فى أداء مسئولياته وأمانته.( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)[1] ) فالظلم والجهل هما أول أسباب الاخفاق فى حمل المسئولية .
وقد يعرف المسئول مسئولياته وينوى أن يؤديها ،ثم لا يؤديها .. فما السبب ؟
يكون السبب عندئذ اما: 1)النسيان أو 2) ضعف العزم ،
وهذا ماحدث من آدم (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)[2] ) .
إذن فالناس أمام مسئولياتهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
- يعرفون أبعاد المسئولية ويؤدونها .. فيكونون من الذين أنعم الله عليهم .
- يعرفون ولايؤدون .. فيكونون من المغضوب عليهم
- لايعرفون .. فيكونون ضالين .
ومعرفة كيف تؤدى مسئولياتك بطريقة سليمة ، هى الصراط المستقيم ، أى الطريق الصحيح للأداء عموما .
ولذا فإننا نقرأ فى الفاتحة ونسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم ويلهمنا كيف نؤدى مسئولياتنا وأماناتنا ونقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)[3] ) .
والانسان بصفة عامة كائن مسئول ، حيث جعل الله له العقل الذى يتميز به عن سائر المخلوقات ، والبيان الذى يمد مسئوليته إلى غيره من الناس . وجعل الله له الأدوات التى تنقل له المعلومات ، التى يتلقاها المخ ويحللها ويتخذ قراره بالفعل أو عدم الفعل ، وبالتالى فإنه يصبح مسئولا عما يفعل.
ولم يكتف الله للناس بكل هذا ، بل علم الناس التمييز بين الخطأ والصواب وأرسل اليهم رسله وأنبياءه، ومعهم الكتاب الذى يبين الحق من الباطل فقال تعالى موضحا مسئولية الانسان عن عمله : (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)[4]) .
وطائر الانسان : عمله الذى قلده .
وبعد انقطاع الوحى وانقضاء أجل خاتم المرسلين ، انتقلت مهمة بيان الحق من الباطل إلى المسلمين(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[5]
وينبغى ألا يقبل الانسان أعمالا أو أمورا ، يعرف أنه لايتحملها ولايطيقها ، فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لاينبغى للمؤمن أن يذل نفسه ، قالوا : وكيف يذل نفسه ؟ قال : يتعرض من الأمور لما لايطيق ).
كما قد يقدم الانسان على عمل دون أن يعلم عنه شيئا ، وهذا أيضا يؤدى الى اخفاقه فى عمله ، وقد نهى الله عن ذلك فقال (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)[6]) .
ويتضح أن عدم استعمال الانسان للأدوات والوسائل التى جعلها الله له لكى يعلم قبل أن يعمل ، هى مسئولية أمام الله ، وليست فقط تؤدى الى الاخفاق فى العمل ( كان عنه مسئولا ) ، أى لماذا لم تستخدم سمعك وبصرك وفؤادك فى تحصيل العلم اللازم قبل أن تقفو عملا ؟
نصائح للمسئولين :
إذن اليك هذه النصائح كمسئول :
- لاتقدم على مسئولية دون علم جيد بها ، واستخدم فى ذلك السمع والبصر والفؤاد .
- حين لاتجد فى نفسك القدرة على تحمل المسئولية ، ارفضها.
- عند قبولك للمسئولية التى تقدر عليها ، اتبع الصراط المستقيم فى آدائها .
- احذر النسيان أثناء تنفيذك لمهام مسئولياتك ، فاجعل لنفسك من يذكرك ان نسيت ، من صاحب يدعوك الى الهدى ، ووزير يشاركك فى الأمر ، ومن الأنظمة والأجهزة التى تذكرك دائما .
5. أصدق العزم فى التنفيذ ، فلايفتر عزمك أبدا .
[1] الأحزاب
[2] طه
[3] الفاتحة
[4] الإسراء
[5] آل عمران
[6] الإسراء