التعامل مع الآخر..من النجم إلى القمر

0 تعليق 362 مشاهدة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان كل نبي يبعث لقومه خاصة.. وبعثت للناس عامة”

انتهت المرحلة الأولى من الدعوة , تم فيها تكليف الداعية بالرسالة, وتكوين المجموعة الأولى من الذين آمنوا, وهي المرحلة التي استجاب لها بعض من الكافرين قبل الدعوة , فأصبحوا مؤمنين.

كانت التكوير هي الموجة الأولى للدعوة , والمواجهة الأولى مع عامة الناس , ونتج عنها الفرز الأول:
• من صدّق بالحسنى, فهو يخشى, وأعطى واتقى.
• من كذّب بالحسنى, فهوالأشقى, الذي بخل واستغنى.

وكونت نواة المجتمع المسلم , مِن كل مَن صدّق بالحسنى في سورة الليل.
وارتبط الذين آمنوا مع ربهم في حزب واحد وولاية واحدة برابطة العصر.
وكفرت طائفة , فلم تقتنع بصدق النبأ الذي نقله رسول الله إليهم.
وامتاز وظهر من الكافرين الأشقى , الذي يصلى النار الكبرى, وهو من فئة المكذّبين المجرمين.

أما بقية الناس الذين لم يستجيبوا بعد للدعوة , كما لم يحاربوها, فما زالوا من الضالين, فهؤلاء تتّجه إليهم الموجة الثانية من الدعوة. هؤلاء يحتاجون إلى وضع أساس العقيدة, وترسيخها بنفس الخطوات والمراحل , ولكن بخطاب أقوى , وحجج أكثر, ومخاطبة للعقل أوسع.

بدأت الموجة الثانية للدعوة بسورة النجم, فواجهت من لم يستجب للموجة الأولى. والمتوقع بعدها أن تزيد أعداد المؤمنين وتقل نسبة الضالين الكافرين, ويحاصر الذين كذبوا بالحسنى.

المرحلة الثانية, بدأت بالسجدة الثانية بترتيب النزول في سورة النجم, حيث كانت مجموعة من المشركين والكافرين وعبدة أصنام تجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقرأ عليهم سورة النجم حيث يقول الله في آخرها: (فاسجدوا لله واعبدوا) فاستجابت عقولهم وقاموا فسجدوا جميعا, ثم استنكروا على أنفسهم أن يسجدوا لرب محمد, لله رب العالمين, فادّعوا أنه ذكر آلهتهم ضمن ما ذكر في سورة النجم, واخترعوا آيات من عندهم ليبرروا لماذا سجدوا.

كانت مرحلة إعلان شمول الدعوة لكل أصناف الناس

ثم كانت نهاية هذه المرحلة بسورة القمر, حيث يحض الله فيها الكافرين والمشركين على سرعة اتخاذ القرار والانضمام إلى زمرة المؤمنين, والتبرؤ من الذين كفروا المجرمين المضلين.

واستمرت سور القرآن تُخرج الإنسان من التصاقه وارتباطه بكل ما سوى الله, من أهله وأسرته , من ماله, من جميع المشركين وكثرتهم, من قرناء السوء, من كل حلاف مهين, من أولي النعمة.

كما بين الله في هذه المرحلة أن الناس سوف يتم تصنيفهم حسب عقيدتهم. وسوف ينتهي التصنيف إلى فئتين من الناس: أصحاب الميمنة , وأصحاب المشأمة.

هذه المرحلة تتوسع دائرة الدعوة لتشمل فئات الناس أجمعين حتى لا يظن أحد أن أمر الدعوة لا يخصه كما كانت الدعوات السابقة , حيث كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة, وبُعِث محمد صلى الله عليه وسلم للناس عامة.

فالمجتمع في ذلك الوقت, وفي كل وقت, يشمل المؤمنين المصدقين بالله واليوم الآخر, والذين آمنوا وعملوا الصالحات, والضالين والمكذبين, والمشركين الذين يؤمنون بالله ويشركون بعبادته أصناما أو ملائكة أو خلقا ممن خلق سبحانه, وأهل الكتاب من اليهود ومن النصارى.

ولكل فئة من هؤلاء حديث ورسالة من الله ومعاملة تستهدف تبليغ دعوة الله لهم, وتوضيح ما يعجبون منه, وبيان نعمة الله عليهم, وقدرته في الدنيا والآخرة, وأنه جل وعلا هو خالقهم ومالكهم والملازم لهم والقائم عليهم والمصلح لهم,

وفي هذه المرحلة, تم تجنب المواجهات العنيفة ما أمكن, مع من يتجاوز اعتراضه وتكذيبه حدود النقاش والجدال, إلى الوقوف في وجه الدعوة بأشكال متعددة وأفعال متباينة, من العداوة والمحاربة. وإمهالهم قليلا, أو رويدا.

وشملت هذه المرحلة الخمس عشرة سورة التالية حسب أرقامها بترتيب النزول:

ففي النجم : يوجه الله إلى الضالين حججا جديدة على صدق الرسول, ويفند المعتقدات الخاطئة, ثم يبين للإنسان أنه لا يمكن له الوصول إلى ما تمنى في الدنيا ولا في الآخرة, إلا أن يشاء الله, فلله الآخرة والأولى. ولا شفاعة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى. وبعد أن يقف الإنسان وحده بلا معين, يبين الله له أن ليس للإنسان إلا ما سعى, وأن أمره بيد الله حتى في ضحكه وبكائه وموته وحياته, ونشأته الأخرى, وأن من لم يستجب لدعوة الله فقد أهلكه الله, مثل قوم نوح وعاد وثمود ولوط .
ثم يدعو المشركين والكافرين لسرعة اتخاذ القرار, بل يأمرهم بالسجود فيسجدوا لله.

وفي عبس :يأمر الله رسوله والدعاة من بعده, أن يهتموا بمن جاء يسعى ليتعلم أمور دينه قبل أن يهتموا بدعوة من استغنى من الذين كفروا وصدوا. ويبين تفاصيل جديدة عن خلق الإنسان وطعامه, وينذر بالصاخة المصاحبة لقيام الساعة, حيث لا ينفع أحد أحدا, حيث ينقسم الناس إلى قسمين, يكون المؤمنون في جانب, والكفرة الفجرة في جانب آخر.

وفي القدر :يعقد الله معسكرا سنويا لقيام الليل, لينضم أعضاء جدد لطائفة الدعاة الذين يقومون بالقرآن ليلا يتدارسون ما تنزل وليبينوا للناس مانزّل إليهم, ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.

وفي الشمس : دعوة لتزكية النفوس للبعد عن الرذيلة والدس, دعوة لكل نفس لكي يزكيها صاحبها, أو لكل إنسان أن يحاول أن يزكّى نفسا, بأن يساعدها على النقاء والطهارة والتقوى والصلاح , والبعد عن الرذيلة. أما من دسىّ النفوس , وساعدها على الرذيلة , وأبعدها عن الفضيلة , فقد خاب.

وفي البروج : إنذار للذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات, والإيعاز لهم بالتوبة

وفي التين :لفت أنظار فئة أهل الكتاب لأن الدعوة تشملهم, وأن يجتمع الجميع على الإيمان والعمل الصالح, وانتظار الأجر غير الممنون من الله.

وفي قريش :لم شمل فئة أخرى هي فئة المشركين وتذكيرهم أن ما بهم من نعمة فمن الله

وفي القارعة :تركيز على العمل الصالح الثقيل في الموازين يوم الساعة.

وفي القيامة :الدخول إلى مشاعر النفس, التي علمت أن لها ربا, وأن عليها واجبات تجاهه, تتمثل فيما أمر ونهى, فتقيس أعمالها على ما يرضيه أو يغضبه, فتكون لوامة لصاحبها على ما فعلت وما تركت, والانتقال من شرح أحوال قيام الساعة, إلى أحوال قيام الناس لرب العالمين.

وفي الهمزة :تهذيب المؤمنين, وتزهيدهم في الدنيا

وفي المرسلات : حرب على المكذبين

وفي ق :حجج أخرى لإقناع الضالين, الذين عجبوا أن جاءهم منذر منهم

وفي البلد :مسئولية الإنسان عن فعله, وحسابه عليه, والطريق لاقتحام العقبة والانضمام إلى طائفة الذين آمنوا وعملوا الصالحات, أولئك أصحاب الميمنة.

وفي الطارق :تفاصيل عن خلق الإنسان, وقدرة الله على رجعه. ورد الله كيد الكائدين

وفي القمر :نقطة انتباه لكل الفئات الضالة المترددة بين الكفر والإيمان, وحض على الحسم والانضمام إلى زمرة المؤمنين, ونذير بما حدث لأمثالهم من المكذبين في الأمم السابقة, وبأن الله يهزم الجمع من الكفار, ويجعل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ

على تفصيل فيما يلي لكل سورة

المقالات

Sub Categories

نريد أن نكون من الذين قال الله فيهم: (ولقد يسرنا القرآن للذكر, فهل من مُدَّكِر!) نحيا بالقرآن, فنتعلم كيف نتدبّره, ونعمل به ونعلمه, كمنهاج حياة, فهو إمامنا نحو بناء الحضارة الإنسانية

روابط المقالات

اشترك

اشترك فى نشرتنا الاخبارية لتتابع جديد المقالات والاخبار

Develop By Quran – Copyright 2012 / 2022 – All Right Reserved

arArabic