نفل: النون ذات, والفاء خروج يسير سهل, واللام لصق وارتباط, فيكون نفل بمعنى شيء من داخل الذات, يخرج بسهولة ويسر ليرتبط ويلتصق بآخر.
نفل النون الفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطاء وإعطاء. منه النَّافلة: عَطِيَّة الطَّوْعِ من حيثُ لا تَجِب، ومنه نافلة الصَّلاة؛ والنَّوْفل: الرّجُل الكثيرُ العطاء، قال :
يأبَى الظُّلامةَ منه النَّوفلُ الزُّفَرُ
ومن الباب النفَل: الغُنْم، والجمع أنفال، وذلك أن الإمام ينفّل المحارِبِين، أي يُعطِيهم ما غَنِموه، يقال: نفَّلتُك: أعطيتُك نَفَلاً. وقولهم: انتَفَلَ من الشَّىء: انتفى منه، فمن الإبدال، واللام بدل من الياء،
ومعنى الأنفال في كلام العرب كل إحسان فعله فاعل تفضلاً، من غير أن يجب ذلك عليه، فذلك النفل الذي أحله الله للمؤمنين من أموال عدوهم، وإنما هو شيء خصهم الله به تطولاً منه عليهم بعد أن كانت المغانم محرمة على الأمم قبلهم، فنفلها الله تعالى هذه الأمة، فهذا أصل النفل، قلت: شاهد هذا ما في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي فذكر الحديث إلى أن قال وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي».
غنيمة
غنم الغين والنون والميم والنون أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على إفادة شىءٍ لم يُملَك من قبل، ثم يختصّ به ما أُخِذ من مال المشركين بقَهْرٍ وغَلَبة. قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنَمْتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} (الأنفال41). ويقولون: غُنَامَاكَ أَنْ تفعل كذا، أي غايتُك والأمر الذي تتغنَّمه، وغَنْمٌ: قبيلة، ولعلَّ اشتقاقَ الغَنَم من هذا، وليس ببعيد.
القَبَض: قبض القاف والباء والضاد أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على شىء مأخوذٍ، وتجمُّع في شىءٍ.
ولكي تتضح الصورة والفروق, نقول:
ينتصر الجيش, فيجمع كل ما تركه الجيش المهزوم, فتجمع مع بعضها, وتسمّى (القبَض), فيوزع بأمر الله ورسوله, وحين يوزع فهو نفل أي عطية طوع من حيث لا تجب, فلا حق أصلا لأحد فيها وتسمّى (نفَلا وجمعه أنفال), فإن نال أحد من الناس نصيبا منها فهي غنيمته, وقد غنمها, أي أفادها وهو لم يملكها من قبل فهي (غنيمة) له وجمعها غنائم.
ولو لم تنظّم مسألة توزيع تلك الأشياء على الناس, فإنها قد تكون سببا في اختلاف المنتصرين وربما تقاتلهم عليها, وربما تركهم للقتال واهتمامهم بالغنائم كما حدث في غزوة أحد, لهذا فإن الله يعلن أنه لا حق لأحد فيها أصلا, فهي عطية طوع إن أراد الله أعطاها لمن يشاء, وليست جزاء ولا مكافأة عن حسن الأداء في الحرب, وإنما توزع حسب ما يرى القائد الملتزم بكتاب الله وسنة رسوله, على سبيل العطية التي لا تجب, ويمنح منها من شاء ما شاء طبقا لمسئوليته عن تطبيق شريعة الله وبيان رسوله لها.