لنفترض أننا الآن في منطقة من مناطق الأرض, أمام أمة متخلفة عن الحضارة, سلوكا ومدنية وثقافة وعقيدة, و بها كل مظاهر التخلف الحضاري: الخلقي والإداري والقيادي القانوني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني والعقدي والرياضي والفني والعلمي والبحثي, بل قل في كل شيء,
لنفترض أننا الآن في منطقة من مناطق الأرض, أمام أمة متخلفة عن الحضارة, سلوكا ومدنية وثقافة وعقيدة, وبها كل مظاهر التخلف الحضاري: الخلقي والإداري والقيادي القانوني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني والعقدي والرياضي والفني والعلمي والبحثي, بل قل في كل شيء,
ثم نسير في الخطوات المنهجية بترتيب نزول القرآن, ونرى كيف تصل بهذه الأمة لأن تكون حضارة إنسانية بالغة التقدم في كل شيء, وفي الاتساع و يكون فيها عوامل التقدم, وعوامل الصيانة من التخلف والانهيار…
لم تكن لديّ خبرات مسبقة أو مفترضة لكيفية بناء الحضارة, أو عناصرها الأساسية, ولكن ظهر ذلك من متابعة قراءة القرآن بترتيب النزول, فوجدت فيها منهاج بناء الحضارة, في مائة وأربع عشرة خطوة صاعدة, هي عدد سور القرآن الكريم, بدأت ب (اقرأ), وختمت ب (إذا جاء نصر الله والفتح, ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا), وهي غاية وهدف أي حضارة, أن تنتصر وتفتح لها الأبواب والدول للانتشار كقوة, كما يدخل الناس فيها أفواجا بإرادتهم.
وكانت سيرة النبّي صلّى الله عليه وسلّم نورا اهتديت به في المنهاج, وهي الممارسة التي بنت بالفعل الحضارة الإنسانية على الأرض بمنهاج القرآن, وأخذت الدنيا من التخلف في كل المجالات إلى التقدم الشامل, في خلق الناس ومعاملاتهم وأنظمتهم الإدارية والقيادية والثقافية والعلمية, وفي بناء أركان الدول والحكومات من تشريع وعدالة وقواعد للعمل والسعي, وهذا المنهاج يمكن تكراره في كل زمان وفي كل مكان, مهما اختلفت الألسنة والألوان والثقافات.
والترتيب المعنيّ هنا هو ترتيب نزول السور على الراجح من الأقوال, وما عليه المصحف الأميري, وليس ترتيب نزول الآيات,
والسورة بترتيب آياتها في القرآن, تعتبر وحدة موضوعية للبناء الجديد لأية حضارة, لذا فسوف نقرؤها بهذا المنظور..
الخطوات والمراحل
نتج عن البحث في القرآن بترتيب النزول, المراحل التالية:
- الإخلاص: بناء أئمة مخلصين ناصحين للناس ابتغاء وجه ربهم الأعلى.
- ومشاركة: تعاون من كل فئات المجتمع الإنساني بمختلف أنواعها دون إكراه في الدين
- وقيادة: يطيعها الناس ويلتزمون بنظامها, فتمكن للإخلاص وللمبادئ والأخلاق.
- ومواجهة جماعية: للمشاكل والتحديات, تصقل الأدوار القيادية على كل المستويات
- وحكمة: تكون أساسا للتشريع والنظام, ومنع الفوضى
- وفصل الخطاب: حسما للأمور, وبناء للعدالة والقضاء الذي يفصل في مسائل الناس.
- وبعد ذلك يأتي دور العمل والسعي: فيتحدد له هدف, ونتائج ومعايير ومجالات.
- إخراج الناس من الظلمات إلى النور: فإذا وضعت هذه الأسس لبناء الحضارة, تبدأ في حمل مسئولياتها في نقل خبراتها خارج حدودها, لتخرج الناس من الظلمات إلى النور, وتتعامل مع كل طائفة منهم حسب حالتها وأسباب تأخرها
- الترقي: ثم تأخذ في الترقي بالناس لتسمو بأرواحهم, فيسمو من يسمو, ويخفق من يخفق
- العذاب الأدنى: ثم تأخذ بالمستكبرين الذين لم يستجيبوا لمنهاج بناء الحضارة, فتنذرهم بالعذاب الأدنى في الدنيا, من ثورات الطبيعة بالزلازل والبراكين, وبقصص إهلاك الأمم السابقة, لعلهم يرجعون قبل العذاب الأكبر يوم القيامة
- أثر التقوى في المعاملات: ثم تأخذ الناس من حالة الترقي الروحي, إلى المعاملات التي ينعكس فيها أثر الإيمان والرقي
على تفصيل يأتي في هذا الباب بإذن الله……