وقيادة أخرى, يسجلها الله سبحانه في الذكر الحكيم, وهو أيوب عليه السلام, من رجال المال والأعمال, أصيب في صحته سنين عددا. فوجده الله صابرا, نعم العبد إنه أواب,
● وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ(41)
فوصف الله له العلاج الذي لو نفذه لشفاه الله من مرضه.
إن الله يثبّت بأيوب, عباده الصالحين أمام الابتلاءات الكبار, فلا يداخلهم اليأس والقنوط مهما كانت الإصابة, ومهما طالت مدة المرض.
مس أيوب النصب وهو الداء والبلاء والمرض والشر والتعب والإعياء وربما فقدان المال
والعذاب وهو يعبّر عن كل شدّة, بالألم والمرض, وربما فقدان الأهل
استجاب الله نداءه, بأن علمه ماذا يفعل حتى يخرج من حالة النصب والعذاب
● ارْكُضْ بِرِجْلِكَ: الركض كلمة تدل على حركة إلى قُدُم أو تحريك , أي تحرك برجلك, وهي علاج طبيعي ورياضي
● هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ(42): واستعمال كلمة (هذا) يدل على أن المغتسل البارد كان على مقربة من أيوب, والسائل الذي جعله الله له يستعمل من الظاهر للاغتسال, ويكون باردا, كما يستعمل شرابا, أي يدخل المعدة, فهو دواء كيميائي, للاغتسال وللشرب. وربما لو سرنا في الأرض وتعرفنا على الموضع الذي كان فيه أيوب, لوجدنا هذا المغتسل, وبتحليله يمكننا التعرف على العلاج الكيميائي الذي شفى الله به أيوب. أو وجدنا غيره من خلق الله سبحانه.
وعموما, فإن في سنن الله كما عهدنا علاج كيميائي, وعلاج طبيعي ورياضي, وهذا ما علمه الله للإنسان, الذي عليه أن يستمر في البحث والعمل والاكتشاف, وكما بلغنا من رسولنا عليه الصلاة والسلام: يا أيها الناس تداووا, فإن الله لم يخلق داءً إلا وخلق له الدواء. فتركنا هذه التوصيات والأوامر والآيات, حتى سبقتنا إليها شعوب, شفانا الله بما اكتشفوا واخترعوا, ثم هم الآن يفرضون علينا حقوق الملكية الفكرية ويبيعون لنا تراكيبها بما يشاءون من أثمان.
● وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ(43)
ويفهم منها أن أيوب كان قد فقد أهله أيضا. وكان هذا من نصبه وعذابه, فلما نادى الله, وهب له أهله ومثلهم معهم. وهو علاج نفسي ومعنوي, وتمريض ورعاية.
وهذه ذكرى لأولي الألباب , يستخرجون منها العبرات ويستفيدون منها.
● وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ..
في التفاسير أقوال كثيرة, ولكني ألتزم بالنص, وبما قد يكون قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبقواعد وألفاظ العربية..
الضِغْثُ: قُبضةُ حشيشٍ مختلطةُ الرَطْبِ بالـيابس.
الضغث: حزمة صغيرة من حشيش أو ريحان أو قضبان
قال ابن عباس: الضغث: عثكال النخل. وقال مجاهد: الأثل، وهو نبت له شوك. وقال الضحاك: حزمة من الحشيش مختلفة. وقال الأخفش: الشجر الرطب
الـحنْثُ: الـخُـلْفُ فـي الـيمين.
و الـحِنْثُ: الـمَيْلُ من باطل إِلـى حقَ، ومن حقّ إِلـى باطل.
ربما كان موضوع الضغث, والضرب به, عبارة عن أن يأخذ أيوب جمعا من الغصون بعضها رطب وبعضها يابس, فيضرب به موضع الألم من جسده, كنوع من التدليك, ويكون بذلك عدم الحنث في الضرب, أي الضرب في اتجاه واحد, وعدم الحنث في اتجاه التدليك,
دفعني إلى هذا المعنى, أن الآيات تتحدث عن استجابة الله لنداء أيوب بإرشاده إلى ما يتداوى به, فكان الركض بالرجل, واستعمال المغتسل البارد, والشراب, وتجمع أهله من حوله, وهو علاج نفسي, ثم التدليك بالغصون في اتجاه واحد, ثم الصبر.. حيث قد يستغرق العلاج زمنا..
● .. إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا , ● .. نِعْمَ الْعَبْدُ , .. إِنَّهُ أَوَّابٌ(44)
واللجوء إلى الله, والرجوع الدائم إليه في كل حاجة وفي كل أمر, فيلهم سبحانه بأسبابه, فيتخذها عباده للوصول إلى رحمته جل شأنه, ولا يقعدون عن عمل.
وهكذا تكون استجابة الله لدعاء أيوب بأن وصف له العلاج, وأمره باتخاذ أسباب العلاج. وشفاه بالأسباب , وهو القادر سبحانه على الشفاء بغير دواء ولا سبب, وإنما يعلمنا اتخاذ الأسباب.
علمت أن نباتا في الريف المصري يسمى (رعرع أيوب), فبدأت في التحري عنه, ووجدته مبدئيا مشهورا في استخدامه للعلاج من بعض الأمراض, وأنه هو الذي تداوى به أيوب عليه السلام, وأن غصنه به تحبيبات بارزة, وأعتقد والله أعلم أنه فعلا يمكن التداوي به بالضرب على الجسد المصاب لتدليكه, والإسراع بالدورة الدموية, وعموما من كانت لديه معلومات أكثر فليأتنا بها أفاده الله