وأثناء مدارستي لسورة الشعراء, لاحظت الآتي:
● إن سورة الشعراء هي أول سورة بترتيب النزول ذكر بها كلمة (الكتاب المبين), وفي القرآن آيات بينات, وآيات مبيّنات, وآيات الكتاب المبين, أي أنه يبين غيره, جامع للإبانة.
● تكررت كلمة مبين في السورة ثلاث مرات: (تلك آيات الكتاب المبين), (أولو جئتك بشيء مبين), (بلسان عربي مبين)
● تكررت كلمة لسان ثلاث مرات, كأكثر تكرار في سورة واحدة, وبمعانٍ مختلفة للسان:
(ويضيق صدري ولا ينطلق لساني) وتدل على وظيفة اللسان في التعبير, واللسان هنا هو العضو نفسه. والخوف من عدم انطلاق اللسان بسبب عقدة فيه (واحلل عقدة من لساني* يفقهوا قولي) كما في سورة طه.
(واجعل لي لسان صدق في الآخرين) وتدل على الذكر والثناء الصادق الحسن, أي بالقول وحسن التعبير باللسان وليس العضو نفسه.
(بلسان عربي مبين) وتدل على منطق بلاغة اللسان وحجيته وبيانه, وإبانته لغيره, ولغته.
● اسهبت سورة الشعراء في شرح فضائل القرآن, من حيث:
(وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، وإنه لفي زبر الأولين، أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل)
(وما تنزّلت به الشياطين, وما ينبغي لهم وما يستطيعون) نفى الله عن القرآن أن تكون الشياطين قد تنزّلت به, فهي تتنزل على كل أفّاك أثيم, يلقون السمع وأكثرهم كاذبون.
(والشعراء يتبعهم الغاوون) عرضت السورة للشعراء وهم أهل الاختصاص في اللغة وحسن التعبير, ولكن بقياسهم على القرآن فلابد أن يقال إن أعذب الشعر أكذبه, فالقصيدة التي لا تحتوي على خيال تكون ضعيفة بمعايير الشعر. كما أن الشاعر يقدّم العوامل الفنية من الوزن والقافية على المعنى, ولو أن اللفظ الذي يرى الشاعر أنه الأنسب والأبلغ, قد تعارض مع الوزن أو القافية, فإن الشاعر لابد أن يؤثر الميزان الفني للشعر على دقة المعنى, ولكن هذا لا يصح في كتاب الله الذي أحكمت آياته ثم فصّلت من لدن حكيم خبير. علاوة على أن مقاصد الشعراء تشوبها الغواية, إلا من رحم الله, والشعراء يتبعهم الغاوون, ألم تر أنهم في كل واد يهيمون , وأنهم يقولون ما لا يفعلون, إلا الذين آمنوا
v أحداث السيرة النبوية تعبّر عنها الحروف الفواتح للسورة
إن السورة تستفتح (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) وباخع نفسك تعني قاتل نفسك غما وغيظا, وهي كلمة معبّرة عن حالة شديدة الصعوبة, تؤدي برسول الله إلى هذا الشعور, مما جعلني أبحث في كتب السيرة الشريفة, عن تفاصيل الأحداث التي أدت إلى ذلك الشعور, وحالة الغم الشديدة والتي ربما تكون أشد الحالات في سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم. وبالتالي كان المطلوب أن أحدد الخط الزمني للسيرة, مع القرآن الكريم, وهذا يمكن التعرف عليه من ترتيب نزول سور القرآن الكريم, على أرجح الأقوال.
فما الذي حدث قبيل نزول السورة؟ وكيف نحدد الفترة التي نزلت فيها السورة؟
وبمراجعة السيرة النبوية في الفترة المواكبة لنزول سورة الشعراء ومن قبلها طه والواقعة, ومن بعدها النمل والقصص, تبين تكرار حرف طا في بدايات كل هذه المجموعة فيما عدا سورة الواقعة, كما تبين أنها تواكب المقاطعة الكبرى, التي فرضها كفار قريش على بني هاشم في شعبهم وشعب أبي طالب بعد أن كشف الله تدبيرهم لقتل النبي عليه الصلاة والسلام, بعد إسلام عمر والحمزة عليهما السلام, وما لهما من ثقل في العرب, وبعد هجرة الحبشة وحسن استقبال النجاشي ملك الحبشة للمهاجرين ومنعهم من قريش. فخشي الكفار والمشركون من خروج الدين من حدود الجزيرة العربية, ومن دخول عمر والحمزة في الإسلام حيث أعزهما الله به وأعزه بهما, فحاولوا قتل النبي – بأبي هو وأمّي- صلّي الله عليه وسلم, ثم لما رد الله كيدهم, حاصروا شِعب بني هاشم, وشِعب أبي طالب حتى اضطروا الهاشميين إلى أكل الجلود وأوراق الشجر, ولمدة ثلاث سنين. تبين لي ذلك من أن مهاجري الحبشة قد قرأوا سورة مريم على النجاشي, ومن روايات إسلام عمر التي تقول إحداها أنه قرأ سورة طه حين ذهب لاخته وزوجها في بيتهما.
●ترتيب القصص في السورة ليس ترتيبا تاريخيا:
لقد جاءت قصة موسى قبل جده إبراهيم, وقبل نوح وهود وصالح ولوط وشعيب (عليهم وعلى رسولنا الصلاة والسلام), وكلهم يسبقه تاريخيا, كما أن إبراهيم جاءت قصته قبل نوح وهود وصالح وهم يسبقونه تاريخيا. فثار سؤال: على أي أساس جاء الترتيب؟
●محاور سورة الشعراء تعبّر عنها الحروف الفواتح للسورة (طسم):
سارت السورة على ثلاثة محاور:
المحور الأول: استعراض الصعوبات. إن تفاصيل القصص في السورة تختلف عن غيرها من السور, فهي تتحدث عن الصعوبات التي واجهت كل نبي من الأنبياء بدءا من أشدّ الصعوبات إلى أخفّها. فكانت أشدّ الصعوبات هي التي واجهت موسى عليه السلام, وأخفها هي التي واجهت شعيبا عليه السلام:
1) فلم يواجه الدعاة إلى الله من رسله وأنبيائه أطغى من فرعون: (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10)قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ(11), فهو ليس كافرا فقط, ولكنه ادّعى الألوهية كذبا, والإفساد الذي جاء به, لم يبلغه أحد من البشر, بتقطيعه الأيدي والأرجل من خلاف, والصلب في جذوع النخل, والعذاب الشديد, والأبقى.
2) ولم يكن من رسل الله أخوف من موسى عليه السلام, فهو يخاف أن يكذّبه قومه : (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ(12)
3) ولم يكن من رسل الله وأنبيائه من يخاف أن يضيق صدره ولا ينطلق لسانه إلا موسى: (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ(13)
4) ولم يكن في رسل الله وأنبيائه من له ذنب على من يدعوهم, إلا موسى عليه السلام, حيث قتل منهم رجلا خطأ: (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ(14)
5) وكلّف الله موسى بمهمة غاية في الصعوبة, بأن يأخذ بني إسرائيل من فرعون, (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ(15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(16)أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ(17)
6) والطاغية هو الذي ربى الداعية فله عليه فضل, ينتظر معه أن يجامله فلا يخالفه: (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ(18)
7) وهو أيضا يعرف فعلته ويدينه ويريد أن يذله بها ويمنعه من الاستمرار في الدعوة, ولم يواجه أي من رسل الله وأنبيائه هذا الموقف: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ(19)
8) ويهدد فرعون موسى بالسجن:(قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهًَا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ(29)
9) وواجه موسى الدعاية التي وجهها فرعون في المدائن: (قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ(37)
10) ثم يجمع الطاغية أهل الاختصاص ويرفع درجات التحدّي, ويعرض الأجر والقرب عليهم: (فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ(41)قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ(42)
11) فيستمر التحدي وإغلاق العقل والمنطق, بل والتهديد الذي لم يعهده أحد في تاريخ الطغيان, ولا حتى في ما يفعله اليهود في المجاهدين الفلسطينيين: (قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ(49)
12) ويستمر فرعون في حرب الدعاية الظالمة: (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(53)إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ(54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ(55)وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(56)
13) ويتصاعد الموقف إلى قمة الصعوبة والاستحالة العقلية, ويقف الجميع عند نقطة النهاية التي يتحتم أن يدرك فيها الطاغية مراده فيدمّر المؤمنين والداعية معا: (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ(60)فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)
14) وفي النهاية, ومع تسليم موسى عليه السلام, ويقينه بالله, (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ(62), ينهي الله الموقف بإغراق فرعون وإنقاذ موسى ومن معه.
ويتلو إبراهيم عليه السلام موسى في درجات الصعوبة, فقد كان أبوه الذي رباه صانعا للأصنام, وقد رباه وليدا, ثم ألقي إبراهيم فعلا في النار.
ثم يتلوه نوح عليه السلام حيث هدده قومه: (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنْ الْمَرْجُومِينَ(116)
ثم يتلوه هود, بصعوبات أدنى, بالتحدي لقدرة الله, والكفر به,
ثم صالح حيث اعتدى قومه على ناقة الله,
ثم لوط حيث اعتدى قومه على بعضهم البعض بالفاحشة,
ثم في النهاية يعتدي قوم شعيب على الكيل والميزان, وذلك رغم شدّة الجرم, فهو أهون مما سبقه
فيكون بذلك ترتيب القصص بترتيب درجات الصعوبات التي واجهت كلا من رسل الله وأنبيائه, كما أن التفاصيل الواردة في السورة هي تفاصيل صعوبات تعرّض لها كل نبي منهم, عليهم جميعا وعلى رسولنا الصلاة والسلام.
ويمكن أن يسمى هذا المحور من السورة, محور الصعاب, أو الصعوبات, أو الشدة.
المحور الثاني هو استعراض السهولات والتيسيرات التي اختص الله بها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام, وعدد سبحانه وتعالى التسهيلات التي منحها لرسوله.
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192)
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193)
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ(194)
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195)
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ(196)
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ(197)
وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ(198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ(199)
وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ(210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ(211)
إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ(212)
ويمكن أن يسمّى محور السهولة أو السهولات.
المحور الثالث, المهامّ والأعمال والواجبات والتكليفات التي يأمر الله بها رسوله في ظل هذه الصعوبات التي تجعله باخعا نفسه ألا يكونوا مؤمنين. فأعطاه الله سبحانه في أواخر السورة وبعد استعراض الصعوبات والسهولات, أعطاه مهاما وتكليفات وأعمالا كلفه بفعلها وهو يثبته ويشد من أزره وعزمه.
فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ(213)
وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(214)
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ(215)
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(216)
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ(217)
الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ(218)
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(220)
ويمكن أن يسمّى محور المهام والتكليفات.
إذن فالسورة على ثلاثة محاور, الصعوبة والشدة, ثم السهولة والتيسير, ثم المهام والتكليف
علم التجويد وصفات ومخارج الحروف, ونطقها
وبالرجوع إلى علم التجويد, وفيه أن كل حرف من حروف اللغة, له صفات بين خمس صفات, أو ست صفات أو سبع صفات, , (وهي صفات نطق الحرف من الفم واللسان وسائر أعضاء النطق به ومخارجه), وهي مذكورة تفصيلا في نهاية هذا البحث
القلقلة | الإصمات | الإطباق | الاستعلاء | الجهر | الشدة | طا |
الصفير | الإصمات | الانفتاح | الاستفال | الهمس | الرخاوة | سين |
الغنّة | الإذلاق | الانفتاح | الاستفال | الجهر | التوسط | ميم |
ومن علم التجويد, تتبين صفات الحروف الثلاثة التي افتتحت بها السورة كالتالي:
إن حرف (طا) هو أقوى وأشد حروف اللغة العربية على الإطلاق, ففيه ست صفات كلها قوة, وليس فيه أية صفة ضعف, ففيه الشدة والجهر والاستعلاء والإطباق والإصمات والقلقلة,
وإن حرف (سين) يشترك في الإصمات مع (طا), وفيه صفات الرخاوة والهمس والاستفال والانفتاح والصفير. أي أنه حرف تيسير وسهولة وسلاسة.
أما حرف (ميم) ففيه التوسط, والإذلاق والاستفال والانفتاح والجهر, والغنّة وهي صوت جميل. و(ميم) حرف تضمّّ فيه الشفتان مرتين, يتوافق مع شد الأزر والضم وتقوية العزم والتكليف بالمهامّ.
إذن تكون الحروف الثلاثة قد تحولت كالتالي:
● من الشدة في طا, إلى الرخاوة في سين, ثم إلى التوسط في ميم,
● ومن الجهر في طا إلى الهمس في سين وميم,
● ومن الاستعلاء في طا, إلى الاستفال في سين وميم,
● ومن الإطباق في طا, إلى الانفتاح في سين وميم,
● ومن الإصمات في طا وسين, إلى الإذلاق في ميم وهو حدة اللسان وطلاقته,
● ومن القلقلة في طا, إلى الصفير المهموس في سين, ثم إلى الغنّة في ميم.
وبالنظر في حالة رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هذه الفترة من السيرة, تجد وكأن الله يأخذه من الشدة التي كان فيها لعله باخع نفسه ألا يكونوا مؤمنين, والصعوبات التي كانت تواجهه, إلى استعراض السهولات التي منّ الله بها عليه بالمقارنة بالرسل من قبله في رخاوة, ثم أخذه إلى التوسط بأن كلفه ببعض تكليفات يسيرة وممكنة.
وهذه الصفات تطابق المحاور الثلاثة للسورة بنفس الترتيب, من الصعوبات والشدة في المحور الأول (طا) , إلى السهولات والتيسيرات في المحور الثاني (سين), إلى التكليفات والمواجهة والانطلاق في المحور الثالث (ميم)
وتكون بذلك, ومبدئيا, طا إشارة للصعوبات, وسين للتيسير والسهولة, وميم للضم وللتكليفات الممكنة بالعمل والمواجهة والانطلاق والانفتاح والإذلاق.
وتلك أيضا فكرة ابتدائية لابد لها من تأكيد أو نفي, يظهر فيما بعد..
●حرف (طا) يتكرر في مرحلة مواجهة الصعوبات:
لاحظت أيضا أن مجموعة السور في هذه المرحلة تكرر فيها حرف طا, ولم يتكرر في غيرها, وهي مسلسلة بترتيب النزول, مما يوحي بأن مرحلة الصعوبات وتكرار حرف طا – وهو أشد الحروف وأقواها- متواكبة مرتبطة بصعوبات السيرة النبوية صلّى الله على صاحبها وسلم., وفي نفس الوقت متواكبة مع تفاصيل الصعوبات التي استعرضها الله في القصص, وترتيب هذه القصص على أساس الصعوبات, وقد تكرر حرف طا في السور طه, طسم الشعراء, طس النمل, طسم القصص.