فيما يلي جمع لبعض صفات الحروف ومخارجها, ومدلولاتها, وبعض الألفاظ والكلمات على سبيل الاستشهاد والإيحاء للمتتبع والمهتم, لكي نشترك جميعا في البحث عن مدلولات الحروف, والتي تكون أساسا لفهم الألفاظ العربية, ومن ثم, فهم القرآن, ابتغاء أن يستعملنا الله سبحانه في إظهار تيسيره القرآن للذكر, سبحانه وتعالى, وبالتالي يستوي الناس مهما اختلفت ألسنتهم وألوانهم, يستوون في تلقّى القرآن من الله مباشرة, دون واسطة ولا ترجمان, وصولا إلى أن تكون لغة القرآن مفهومة للعالمين.
(ب) الباء حرف إبداء بعد إخفاء, حيث يتحرك الفم من ضم للشفتين قبل النطق بالباء, ثم ينفتح, فيدل اللفظ الذي يبدأ بالباء على شيء ينفتح بعد انغلاق, إو يظهر ويبدو بعد اختفاء,
ومن أمثلة ذلك: (بان, بدا, بسم, بشّر, بصر, بدأ, بزغ, بثّ, بارك)
ولفظ “باب”, يبدأ بباء مفتوحة, ثم ألف مدية, ثم باء أخرى, يدل على ما يفتح بعد إغلاق, ويمتد في فتحه, ثم يغلق ليفتح مرارا, فيكون بابا. وحين نريد أن نلقّن ونعلّم غير الناطقين بالعربية لفظا مثل (باب) فإننا سنسأله أن ينطق الحرف (با) ثم يصف ما الذي فعلته شفتاه لكي ينطق الحرف, فيقول أغلقتا بانضمام, ثم فتحتا, فنقول له: إن كل لفظ يبدأ بحرف الباء يدل على انفتاح بعد انغلاق, أو إبداء بعد إخفاء, ولو نطق (باب) فهو يغلق ويفتح ويغلق, وهو تمام ما يحدث من الباب, فلا يحتاج إلى أن يتعلم العربية بشكلها التقليدي من ألفاظ وقواعد ومحادثة ونطق, فقط يتعلم الحروف ومخارجها ومدلولاتها, ويراقب حركات الفم والشفتين واللسان, فينطق ويفهم المدلول, ويطلع على شكل اللسان والشفتين والفم فيكتب ما يراه فيكون هو رسم الحرف (مع بعض التصرف والخيال باعتبار أننا نكتب باللسان وليس بالقلم)
وكلمة أب, من الفعل (آب) أي ذهب وعاد وذهب وعاد مرارا, فيكون اللفظ (أب) دالا على ما يفعله الأب من تردد على أبنائه, وهو مختلف عن معنى اللفظ (والد).
وصفات حرف الباء: الجهر الشدة الاستفال الانفتاح الاذلاق القلقلة
ويخرج حرف (ب) بانطباق الشفتين انطباقا قويا.
(ت) ومخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا مصعدا إلى جهة الحنك تخرج من سقف الغار الأعلى بعد ضغطة متوسطة يعقبها فتح للفم وبعد للسان عن اللثة. وصفاتها الهمس والشدة والاستفال والانفتاح والإصمات. تدل على التزام الموضع (الشدة) بهدوء وهمس واستفال, مع حسم أو مفارقة بانفتاح وإصمات, ومن ذلك: تحت, مات, سكت, صمت, سُحْت, ترِبت, ربّت, تاء التأنيث (أكلتْ), وتاء المخاطب (أنت تأكل) وتاء المتكلم (أكلتُ)
(ث) حرف الثاء, يدل على شيء موزع على جبهة كبيرة, كالهواء المصاحب لنطق الحرف (ث), بخلاف حرف الشين الذي فيه تفشّي, ومثال ذلك: (بثّ, ثروة, ورث, ثبت, ثرى) ومنه الأعداد: اثنان, ويبدأ بالثاء, ويضم نونين تدلان على ذاتين , وثلاثة, تتكرر فيها الثاء مع لام الصلة والألف المدية, والعدد ثمانية, يبدأ أيضا بالثاء, ثم الميم الضامة الجامعة, مع ألف مدية, تدل على امتداد الأثر, ثم نون الذات التي تضم المجموعة في ذات واحدة.
(ج) وحرف الجيم يخرج من وسط اللسان وما يحاذيه من وسط الحنك الأعلى,
وصفاته: الجهر, والشدة, والاستفال, والانفتاح, والإصمات, والقلقلة.
ورسم الحرف فيه ارتفاع ومنه (جبل, جمل, جليل, جميل, جفا, جاء
(خ) وحرف الخاء يخرج من أدنى الحلق: أي أقربه مما يلي الفم, وصفاته: الهمس, والرخاوة, والاستعلاء, والانفتاح, والإصمات.
وأمثلة للكلمات البادئة بحرف الخاء: خالد, خرج, خسّ, خسر, خاف, خسف,
ومن أسماء الله الحسنى: الخبير, الخالق
وحين يتكرر حرف الخاء في كلمة, فهي ترسم شكلها, مثل فاكهة ال (خوخ) ترى أن اللسان يرسم فاكهة الخوخ, واللهاة تميل نحو الجزء المرتفع من اللسان.
(د) حرف الدال الذي يخرج من نهاية مشوار اللسان داخل الفم, وقبل خروجه بالثاء والظاء والذال, يمثل نهاية مشوار للفظ حين يأتي في نهايته, وبالتالي فإن كل لفظ ينتهي بحرف الدال, يدل على نهاية, مثل: (سد, شد, ردّ, حدّ, ندّ, خدّ, يدّ),
فإن بدأت الكلمة بحرف الدال, دلت على شيء يبدأ من نهاية, ثم ينهار, مثل: دكّ, دمّر, دفع, دلف, دلج, دحر, دهس, دار, دخل
(ذ) وحرف الذال يخرج من طرف اللسان, بضغطه على وسط الثنيتين, فيدل على الخروج المحدود بالضغط, وصفاته الهمس والرخاوة والاستفال, والانفتاح, والإصمات, ومنه (ذكر, نفذ, ذهب, ذلق)
فإن انتهت الكلمة بحرف الذال, دلت على شيء خرج من منفذ محدود أو ضيق, مثل: نفذ, أخذ,
والفارق بين نفد, ونفذ, أن الأولى تدل على نهاية شيء تماما, والثانية تدل على خروج شيء من منفذ ضيق.
(ز) حرف الزاي صفاته الجهر, والرخاوة, والاستفال, والانفتاح, والإصمات, والصفير,
وتخرج الزاي بضغط طرف اللسان على ما فوق اتصال الثنيتين باللثة فوق مخرج الظاء.
ويدل الحرف على زيادة متكررة في الشيء, مثل: (زرافة, زلومة, زيادة, زوج, زفة, زحمة, زعزع, زحزح, زبور, زبر, زنبور, زمان)
(ش) صفات حرف الشين الهمس, والرخاوة, والاستفال, والانفتاح, والإصمات, والتفشى, والأخيرة صفة منفردة, حيث يخرج الصوت الدال عليه من جبهة عريضة من الفم, وبالتالي فإن كل لفظ أو كلمة تبدأ بحرف الشين تدل على التفشّي, مثل (شمس, شعر، شعب، شغل, شنّ, شركة, شمول, شدة, شغب, شأن, شقاء), وحين ينتهي اللفظ بالشين, يدل على نهاية فيها تفشّي, مثل: (نفش, بشّ, حشيش, ريش, نكش, نقش)
والعدد (عشرة) فيه التفشي, فهو نهاية العد للمجموعة الأولى للأعداد (من الواحد إلى العشرة)
ومخرج الشين من وسط اللسان وما يحاذيه من وسط الحنك الأعلى.
(ض) صفات حرف الضاد هي الجهر, والرخاوة, والاستعلاء, والإطباق, والإصمات, والاستطالة, وهي صفة منفردة في حرف الضاد, حيث أنك حين تنطق الضاد بالطريقة المثلى, يضغط طرف لسانك على سقف الحلق الأعلى فيستطيل من مخرج الضاد على مخرج اللام ومخرج الراء, وبالتالي فهو حرف استطالة. وبالتالي فإن كل لفظ أو كلمة تبدأ بحرف الضاد تدل على الاستطالة, مثل: (ضرب, ضم, ضغط, ضجّ, ضرّ, ضام, ضخّ, ضِدّ, ضنّ, ضيّع)
(ظ) وصفاته الجهر, والرخاوة, والاستعلاء, والإطباق, والإصمات. ويختلف عن حرف الطاء فقط في أن الطاء فيه الشدة, ويقابلها الرخاوة في الظاء, كما أن حرف الطاء فيه قلقلة, وهي ليست في الظاء. وبالتالي فإن الكلمات التي تبدأ بالظاء تدل على تلك الصفات, مثل: (ظريف, ظفر(, أما (ظلم) فهو وَضْع الشَّىء غيرَ موضعه تعدّيًا. وربما جاءت من الجهر والاستعلاء والإطباق والإصمات, ولا أجد للرخاوة سببا. وكلمة(ظلام) وهو خلافُ الضّياء والنور, ففيها رخاوتهما حتى تظلم الدنيا, وفيها الإطباق والإصمات.
(غ) وصفاتها الجهر, والرخاوة, والاستعلاء, والانفتاح, والإصمات, ومخرجها من أدنى الحلق من غير نقطة محددة.
وبالفعل, فإن كل كلمة تبدأ بحرف الغين تدل على شيء غير محدد الملامح, مثل (غفل, غدر, غمر, غسل, غدا, غرّد, غنّى, غلغل, غزا, غرّ, غفر, غاط, بغبغان, أغرى, غامر, غباء)
(ف) ومخرجها من باطن الشفة وأطراف الثنايا العليا, وصفاتها الهمس والرخاوة والاستفال والانفتاح والإذلاق, وتدل على خروج شيء بخفة وهمس ورخاوة ودون عائق, ومنها (فرّ, فسق, فطن, فسر, فطر, فغر, فرد, فرض (وفيها الاستطالة بالضاد آخرها)
(و) ومخرجها مما بين الشفتين معا, وبانفتاح الشفتين, وصفاتها الجهر, والرخاوة, والاستفال, والانفتاح, والإصمات, واللين, وتدل على جمع لطيف لأشياء, مثل: (ورث, ورع, ورد, وريد, وفرة, وفاء, وفاق, وضح, وسط)
(الفتحة والسكون) الفتحة تدل على حركة, والسكون عكسها, ومثال ذلك: إن كل الألفاظ المعبّرة عن تجمّعات الماء, ساكنة الوسط, ما عدا كلمة (نَهَر) فهي متحركة الوسط, فنحن نقرأ في كتاب الله (بحْر, نبْع, بئْر, موْج) ونقرأ (نَهَر) حيث أن نقطة الماء وسط البحر لا تغادر مكانها مع الموج, وإنما ترتفع وتنخفض فقط محدثة الحركة التموجية, وكذلك في سائر تجمعات الماء, عدا النهَر, فنقطة الماء التي تنزل على جبال الحبشة والصومال, تتحرك بذاتها سائرة في مجرى النهَر إلى أن تصل إلى شمال دلتا النيل, وقد تصل إلى البحر الأبيض المتوسط, ولذا فإن اللفظ المعبر عن ذلك يكون متحرك الوسط.
(الكسرة والضمة) والكسرة تدل على خروج, والضمة تدل على دخول, وفي لسان العرب باب (ذكر) “وقال الفراء: الذِّكْرُ ما ذكرته بلسانك وأَظهرته، والذُّكْرُ بالقلب. يقال: ما زال منـي علـى ذُكْرٍ أَي لـم أَنْسَه”. ويدل هذا على أن كسر الحرف يدل على حركة للخارج, وضمّه يدل على حركة للداخل. وكما قلنا: إذن, وأُذن, فإذن للخروج, والأُذُن لدخول الصوت من فتحة ضيقة إلى الداخل.
(الفتحة والكسرة) لفظة منفردة في القرآن الكريم (مجريـها) في سورة هود (وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها) تنطق بالإمالة بين الكسرة والفتحة, فلا تقول مجراها, ولا تقول مجريها مثل معطيها. والله أعلم, فحركة السفينة وهي تجري بهم في موج كالجبال, تكون بين وجود غاطس السفينة في الماء , وبين ارتفاع بقيتها فوق الماء, وتجري بين الميل للغطس وبين الميل للطفو, فيكون التعبير عنها بالإمالة بين الكسر والفتح. فانظر كيف تعبر اللغة العربية عن الحركة , بل انظر كيف يعبر القرآن عن الحركة, فالقرآن أرقى من اللغة العربية, وهو يطورها.
ويتضح من الاستعراض السريع أعلاه, أن لكل حرف مدلولاً. كما يتضح أن المسألة تحتاج إلى جهود أكبر لتحديد مدلولات الحروف, ومن ثمّ تحليل الألفاظ من حروفها, حتى نصل إلى أسلوب يتم به التعرف على معاني الكلمات من حروفها, وشكلها. وهذا يحتاج إلى جهود مشتركة ومنظّمة. لهذا فإنني آمل في التواصل مع من يحبّ, لاستكمال الموضوع.