إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ(4)
ما هي الرؤيا؟
وهذه مقتطفات من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الرؤيا من كتب الحديث. وبفحص هذه النصوص وتدبّر معانيها,
تتلخص الرؤيا في الآتي:
الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ
لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ
(لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا), هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ
الرؤيا إما في المنام , أو في اليقظة.
أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالْأَسْحَارِ
الرُّؤْيَا ثَلَاثَة:ٌ
- بُشْرَى مِنَ اللَّهِ
- تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
- مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ
رؤية رسول الله:
مَنْ رَآنِي فَإِنِّي أَنَا هُوَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ بِي
مَنْ كَذَبَ فِي الرُّؤْيَا مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ
ماذا تفعل إن رأيت رؤيا؟
الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ
إِذَا عَبَرْتُمْ لِلْمُسْلِمِ الرُّؤْيَا فَاعْبُرُوهَا عَلَى الْخَيْرِ فَإِنَّ الرُّؤْيَا تَكُونُ عَلَى مَا يَعْبُرُهَا صَاحِبُهَا
وماذا يفعل من رأى رؤيا يكرهها:
فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ
فَلْيَنْفِثْ أو َلْيَتْفِلْ عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
َلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ
وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ
فَإِنْ رَأَيت رُؤْيَا حَسَنَةً
فَلْيُبْشِرْ
وَلَا يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ
لَا تُقَصُّ الرُّؤْيَا إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ
َلَا تَقُصَّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ أَوْ ذِي رَأْي
وتلخيصا , فإن الرؤيا منها الصالحة من الرجل الصالح , وهي آخر ما تبقى من النبوة, وهي بشرى من الله , أما غير الصالحة , فهي تحزين من الشيطان , ومنها ما يحدث المرء نفسه , أي ما نسميه بالعقل الباطن.
فإن كنت تكرهها , فلا تحدث بها أحدا , واتفل عن يسارك حين تستيقظ , ثلاثا , وصل ركعتين.
وإن كنت تحبها ,فأبشر , ولا تحدث بها إلا من تحب أو من يحبك ويودّك, أو عالم أو ناصح أو ذا رأي.
وإن رويت لك الرؤيا فأوِّلها على الخير ,
والرؤيا يمكن أن تكون يقظة , أو مناما.
واليقظة هي ما يتصوره الإنسان عن أشياء غير موجودة في الدنيا , أو لم تحدث بعد . فإن حدث لك ذلك , فانظر إلى أين تذهب بك هذه الرؤيا , هل ستفضي بك إلى الخير , أم إلى الشر؟ وقد يحتاج الأمر منك إلى دراسة , قبل أن تتمادى في ترجمة الرؤيا إلى واقع , وهو ما يسمّى في عالم الأعمال بدراسات الجدوى , فإن رأيت أنها سوف تفضي بك إلى الخير , فاسع لتحقيقها ,
واعلم أن الرؤيا قد تكون وحيا من الله يوحي إليك بخير يمكنك تحقيقه , وقد تكون وسوسة من الشيطان يغريك بشر يمكنك اقترافه.
فإن فكرت في محتوى الرؤيا , ووجدت أنها تؤدي إلى الخير , فإن كان في مقدورك أن تسعى لتحقيقها , فاعلم أنها قد لا تتحقق إلا باتخاذك خطوات لتحقيقها , ثم تنتظر من الله أن يحققها فعلا,أو يجعلها حقّا وقد لا يحققها.
فإن رأيت رؤيا , فلا تجلس منتظرا تحقيقها وأنت لا تسعى إلى ذلك . ولكن اعمل في سبيل إخراجها إلى حيّز الوجود.
فلو أن الملك حين رأى رؤياه , وأحسن يوسف تأويلها له , ثم لم يسعَ أحد إلى تحقيق ما جاء في تأويل يوسف للرؤيا , فإنها لن تتحقق ,
وإن عمل الناس في الأسباب التي يحققون بها الرؤيا , فقد أدوا ما عليهم , ثم يسألون الله تحقيقها , فلله الأمر من قبل ومن بعد , فإما أن يجعلها ربهم حقا , وإما إنه لا يجعلها حقا, كما يشاء سبحانه ويريد.
الرؤيا في القرآن:
وإذا تتبعنا حديث القرآن عن الرؤيا , سنجد أن رؤيا صاحبي يوسف في السجن قال أحدهما إني أرى , وقال الآخر إني أرى , وقال الملك إني أرى , وقال إبراهيم : إني أرى في المنام أني أذبحك. كلها بالفعل المضارع الذي يفيد استمرار الشيء في الحال .
أما الفعل الماضي “رأيت” فإنه يفيد شيئا حدث في الماضي. ولا أدري ما السبب في أن يوسف بالذات قال “رأيت” ولم يقل “إني أرى”؟ أو لماذا قال الآخرون :”إني رأيت” بدلا من “إني أرى”؟
ربما رآها يوسف مرة واحدة , ورآها غيره مرارا, والله تعالى أعلم