والآن نستهدف الاستدلال على معاني الحروف, بحيث تكون هي اللبنة الأساسية والأولى لبناء اللفظ, وتركيبه. ولكي نستدل على مدلولات ومعاني الحروف, فإننا لابد أن نستعرض الآتي ونأخذه في الاعتبار:
● صفات الحروف
● مخارج الحروف
● المدّ والقصر فيها, وزمن كل مدّ فيها, (حركتان أو أربع أو ست حركات)
● شكل رسم اللسان عند النطق بكل حرف.
● آلية حركة اللسان طرفه ووسطه والشفتين والأنف والخيشوم, واللهاة, عند النطق بالحروف
● موسيقى الصوت الخارج من الفم معبّرا عن كل حرف, وكذلك الهواء الخارج من الفم, كما في الذال, والثاء والشين, وكما في الفاء
● دراسة المدلول الصوتي للحروف في أول اللفظ, وفي وسطه, وفي آخره, فمدلول الحروف المتوالية يؤثر بعضها على بعض, فمعنى اللفظ يختلف حسب حروفه, وحسب وضعها وترتيبها في اللفظ, وحسب حركة شكلها بالفتح والضم والكسر والسكون والتشديد.
● حروف اللغة العربية الثمانية والعشرون, ويضاف إليها الهمزة, والألف المدية والياء المدية والواو المدية, وشكل كتابة الحروف بالكتابات المختلفة, وبعض المخطوطات القديمة للمقارنة في شكل الكتابة.
● وعند تناول الحرف, نبدأ بدراسة الحرف في حدّ ذاته, والحروف الدالة عليه في حالة نطقه منفردا, مثلما نقول (نون, قاف, صاد, كاف, ..)
● جذر الكلمات العربية, ومدلولاتها من معجم مقاييس اللغة لابن فارس
● بناء على النظر إلى حروف اللغة العربية كمدلولات مستقلة لكل حرف, يتم بحث بقية الحروف التي لم ترد في فواتح السور, لبيان معانيها ومدلولاتها بنفس الفكرة.
● ثم من خلال ذلك يتم وضع رموز للغة (كود) يجعلنا نتعامل معها مثلما نتعامل مع لغات الحاسب الآلي, أو مثلما نتعامل مع النغمات الموسيقية السبعة التي منها تتألف كل الموسيقى. أو أن تكون الصيغ الصوتية للغة منمذجة, بحيث يتم تحليل اللفظ إلى حروف ذات مدلولات متتالية للوصول إلى المعنى, يتعامل معه العربي وغير العربي
● ثم ندرس إضافة الحرف إلى كلمات بسيطة معلومة المعنى, بدءا من إضافة حرف واحد فقط للحرف الأصلي, خاصة في الضمائر وحروف الجر, وحروف العطف, وهكذا, كأن نقول أن, لن, كن, من, ..,
● وندرس الألفاظ التي يتكرر فيها الحرف مرتين, أوأكثر, فقد تؤكد مدلول الحرف وتوضّحه أكثر.
● دراسة بعض حروف اللغة العربية مثل حروف الجر وحروف العطف, وحروف التوكيد والنصب, والضمائر مثل ضمير المتكلم, والمخاطب, والغائب, وذلك لمقارنة الفروق بينها ولوضوح مدلولاتها.
● دراسة الكثير من الألفاظ العربية المتشابهة في بعض الحروف, والمختلفة في بعضها, والمقارنة بحثا عن تأثير إضافة حرف, أو تبديل حرف, أو تغيير حرف, مع تأثير ذلك على المعنى.
● ثم بعد ظهور مدلولات كل الحروف مبدئيا, نبدأ في دراسة تركيبات الحروف في ألفاظ معلوم معناها, فنستنتج ونؤكد أو نعدّل مدلولات الحروف, وتأثيراتها على بعضها, وتأثير بدء الأسماء والألفاظ بها.
● ثم بالمقارنة بالألفاظ المتشابهة الحروف, مع اختلاف شكلها بين الفتح والكسر والضم والسكون والتشديد, بمقارنة تلك الألفاظ, يتم استنتاج مدلولات الشكل: مدلول الفتح, ومدلول الكسر, ومدلول الضم, ومدلول السكون, ومدلول التشديد
● التعرف على أسماء الله الحسنى, ومعانيها ومخارج حروفها, ومنها تظهر بعض مدلولات الحروف.
● أسماء الأنبياء وحروفها ومدلولاتها, فاسم شعيب عليه السلام تصغير شعب, حيث أرسل إلى أخوته في مدين(وإلى مدين أخاهم شعيبا) كما أرسل إلى أصحاب الأيكة, (إذ قال لهم شعيب), ومحمد صلى الله عليه وعلى رسله وسلم, يضم كل الرسالات , يبدأ اسمه بالميم المضمومة, يعقبها حا وفيها البدء من الحد الداخلي الحاصر لكل الرسالات من قبله, ثم ميم مفتوحة مشددة, تضم في نطقها الشفتان برقّة, ثم الدال وهي حرف الحد النهائي الذي ينتهي نطقها باللسان خلف الأسنان واللثة دون أن يخرج من الفم, (وهو يخرج بعد ذلك في الذال). وهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.
ورغم أن الفكرة قد تبدو صعبة وتحتاج إلى إعمال التفكير فيها والاستعانة بعلوم وخبرات شتّى, إلا أنني أتصور أن النتيجة النهائية – لو أراد الله سبحانه- ستكون منهاجا غاية في السهولة واليسر, بتيسير الله القرآن للذكر للعرب ولغير العرب, بحيث يمكن لأي إنسان مهما اختلف لسانه ومكانه, أن يتلقاه ويتعلمه بسلاسة ويسر, ومنه يستطيع أن يتسلم كتاب ربه الذي أرسله للعالمين, ويتعامل معه تلاوة وسماعا وكتابة وفهما, وذلك من مدلولات الحروف وتراكيبها المختلفة, ومخارجها ومعاناة اللسان والفم والحلق في نطقها. فبعد تلاوة القرآن, وفهم ألفاظه, هناك مسئوليات كثيرة أمام الإنسان- أي إنسان- في كل زمان ومكان, تتمثل في إدراك مراميه, وتنفيذ أوامره, واجتناب نواهيه, والدعوة إليه.
…. أما أن يظل العالم جاهلا بالكتاب, لا يستطيع قراءته, وبالتالي لا يستطيع التعامل به أو معه, كما يقصّر العرب في نقله إلى أفهام غير العرب, فيعيش جلّ العالم (كل العالم فيما عدا حوالي 300 مليون عربي) يعيش ويموت دون أن يقرأ الكتاب, ودون أن يفهمه, أو يفهمه من خلال ترجمان يتقيد بمستواه في اللغتين, وبإدراكه لمعاني الكتاب, وبالتالي دون أن يستفيد منه في الدنيا, ودون أن تصله مباشرة رسالة الله لكل العالمين, أما أن يظل هذا هو الحال إلى يوم القيامة, فإنني لا أتصور ذلك أبدا, والله أعلم.
ولأضرب مثالا واحدا تتلوه أمثلة كثيرة بعد دراسة مدلولات الحروف: فحرف الباء حرف إبداء بعد إخفاء, لأننا نفتح الشفتين بعد أن كانتا مغلقتين, فإن كررنا تلك العملية, الفتح بعد الضم, ثم ألف مدّية, ثم الفتح بعد الضم, تدل على اسم ( باب), وتكون الشفتان قد أديتا ما يؤديه الباب من حركة, وشرح ذلك لغير الناطقين بالعربية, ييسر عليهم التعرف على الألفاظ, ولا يقتصر ذلك على باب, وإلى مزيد من الملاحظات والدراسات…
الحروف الفواتح أعرب العربية!!
إن الحروف الفواتح بهذا المنظور هي أعرب اللغة العربية, وهي التي ستجعل اللغة العربية لغة عالمية, يتعلمها أي إنسان غير عربي, سواء كان طفلا أو كبيرا, عالما أو جاهلا, مؤمنا أو كافرا, مهما كان لسانه المختلف, لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد ذلك, ولكي يستمتع ويستفيد كل إنسان بالقرآن, ويكون على نفس الدرجة من المعرفة التي عليها العرب, ويتواصل مع كتاب ربه, فيكون له هدى ورحمة وعلما.
إن الله سبحانه حين قال: (ولقد يسرنا القرآن للذكر) لم يكن يختص بالتيسير العرب فقط, بل إن القرآن ميسّر للذكر لكل الناس بلا استثناء, في كل زمان وكل مكان على اختلاف ألسنتهم وألوانهم.
بل إنه ربما نصل إلى الدرجة التي يتعلم بها الصمّ والبكم كيف يمكنهم الإحساس بالقرآن, وربما يبرئهم الله سبحانه بتلك الحروف الفواتح.
وفي هذا البحث المزيد الذي يؤكد هذه المعاني..
وسيكون المطلوب هو الوصول إلى مدلول كل حرف من حروف اللغة العربية, ومدلول الفتح والضم والكسر والسكون والتشديد, والذي أفترضه الآن هو أن هذه المدلولات ثابتة مهما كانت الكلمة أو اللفظ, وقد اتضحت مبدئيا بعض هذه المدلولات, وذلك بالاعتماد على الحروف الفواتح.
إن حروف اللغة العربية هي مجموعة أصوات, يخرج كل منها من مخرج مخصوص, يدل مكان مخرجه على مدلوله, وحين يسمعه الإنسان أيا كانت لغته الأصلية, يستشعره كما يستشعر الموسيقى فيتعرف على نغماتها السبعة, فكذلك تتحول اللغة العربية إلى ثمانية وعشرين صيغة صوتية, وهي الأحرف الثمانية والعشرون, ويضاف إليها الألف المدية والياء المدية والواو المدية والهمزة, وتؤخذ في الاعتبار حركات التشكيل من الفتح والكسر والضم والسكون, والتشديد.