إلى هنا , تمت مرحلة إعداد الإمام , والتي تتلخّص في الخطوات الآتية:
العَلق :
- اختيار وتفويض الإمام
- أمره بالقراءة كمنهج مستمر للتلقي عن ربه
- تعريفه بربه , وبأنه خلق وأكرم وعلّم
- أنه سبحانه يُعلّم بالقلم , بالتمييز والمقارنة
القلم :
- الله يدافع عن الدعاة له بنفي التهم عنهم , وإعطاء الداعية الثقة في نفسه وفي نعمة ربّه.
- تحديد الأجر غير الممنون , وهو من الله وحده لا شريك له.
- إعلان الهدف الرئيسي للدعوة , وهو الخلق العظيم
- الداعية يصبر لحكم ربّه, ولا ينهار أمام ظلمات الكافرين
المزّمّل :
- تفرغ الداعية في جزء من الليل للقاء ربه بشكل مستمر ودوري , وقدر مستطاعه , فيقرأ ما تيسر من القرآن.
- استمرار ذكر اسم ربه , والتبتل إليه واتخاذه وكيلا.
المدّثّر :
توصيف متطلبات الداعية , وهي :
- العزيمة .
- مواجهة الباطل.
- تكبير الله .
- تطهير الثياب , وحسن المظهر.
- هجر الرجز.
- حسن معاملة الناس بعدم المنّ , أو الاستكثار.
- الصبر لله.
- التقوى والاستغفار يمهدان الطريق لأن يشاء الله لك التذكرة والهداية
الفاتحة:
استلام خطة الأعمال , وفيها الأمور الآتية:
- العمل باسم الله , بهدى الله , بما يريد الله
- الرحمة
- شمول الدعوة للعالمين
- أخذ الآخرة غاية , والحساب مرجعا
- العبادة المستمرة الجماعية لله
- الاستعانة الجماعية بالله
- طلب تعليمات الهداية إلى الصراط المستقيم
- انقسام الناس إلى فئات ثلاثة :
o الذين أنعم الله عليهم , وهداهم الصراط المستقيم
o المغضوب عليهم ويسيرون عكس الصراط المستقيم , يقاومون الدعوة
o الضالين , الذين لا يهتدون إلى الصراط المستقيم
وينقسم الناس أمام الهداية إلى فئات متنوعة الذين كفروا المغضوب عليهم , والمؤمنين, والذين آمنوا ,والضالين لأسباب كثيرة..
● الذين كفروا: أخطر فئات الناس هم الذين كفروا, الذين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها , الذين يعلمون الحق فيطمسونه وهم بآيات الله يجحدون , هؤلاء هم المغضوب عليهم , المجرمون , المعادون للدعوة والداعية , المكذّبون , المحاربون الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات .فينبغي تعيين هؤلاء أولا , وأخذ الحذر منهم وتجنّبهم في المرحلة الأولى. على أن الله لم يتركهم , فهو سبحانه يتولاهم بنفسه , فينزّل قرآنا بالإنذار والوعيد والتهديد والترهيب والزجر.
● المؤمنون : الذين يصدّقون بالقيامة والبعث والحساب, ثم هم يحتاجون إلى التعرّف على ربّهم, وعلى قواعد العقيدة , ثم يحوّل الله إيمانهم من عقيدة في القلوب إلى عمل إيجابي بالجوارح ,يتقون الله ويعلمهم الله فيأتمرون بأمره وينتهون عما نهى, يقولون سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. ثم يتحولون إلى مرحلة الفعل , وإلى فئة أعلى في العمل…إلى..
● الذين آمنوا: يعطون للناس الأسوة الحسنة بما يحب الله أن يكون عليه عباده , ثم يتحولون إلى دعاة إلى سبيل ربهم , يعاونون رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مهمّته التي كلفه الله بها في هداية الناس إلى طريق الله.
● الضالون: وهؤلاء يحتاجون إلى حجج وشروح وبيان ومنطق , فينزل لهم الله قرآنا بذلك , يتوجه به إلى عقولهم فيبين قدراته في كونه , فلله الحجة البالغة.
● وهناك فئة تحب المصالح والنعم , وتخشى إن هي اتبعت الهدى مع رسول الله , أن تُتَخطّف من أرضها, فتفقد مصالحها وسلطانها , فيلفت الله أنظارهم إلى نعمه وآلائه, ويطمئنهم إلى أنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
● وفئات أخرى تشمل كل أنواع البشر وكل صنوف الناس..
.. وهكذا يعمل القرآن في معالجة كل فئة, حتى يزيل كل عائق يعوق عن الوصول إلى الحق والعزة والحكمة, من كبر وغرور , أوجهل وضلال , أوخوف من ضياع سلطة أو جاه أو مال , ويترك الإنسان بعد ذلك أمام خيارات حرة , يختار منها ما يراه في صالحه و هو مسئول عن اختياره , دون إكراه أو جبر, بعد أن يتبين الرشد من الغيّ , فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
ولنتتبع آيات كتاب الله التي أنزلها على رسوله الكريم , وكيف يبنى بها الله الفرد والأمة , بمنهاج يمكن اتباعه مع كل الناس في كل عصر , وكل أرض , مهما اختلفت الظروف وتغيرت الأحوال.
فتكون السيرة النبوية من القرآن الكريم حيّة باقية إلى يوم القيامة, فاعلة في الناس , كمنهاج لبناء الفرد والأمة , وإدارتها حتى تصل إلى الخلق العظيم , والعزة والقدرة على الغلبة والقوة, فلا يتمكن منها عدو من غير أنفسهم يستبيح بيضتهم , وحتى تصل إلى الحكمة, التي تحكم القوة, فتُحِقّ الحق وتبطل الباطل , ولا تكون تلك القوة الغاشمة التي تكيل بمكيالين , فتميل بالهوى وتتبع خطوات الشيطان , وتروّع الآمنين فلا تحقق إلا مصالحها على حساب الضعفاء والمقهورين , كما هو حال القوة الكافرة التي علمناها في استعمار التاريخ , وشيوعية الأمس , ورأسمالية اليوم, وصهيونية كل عصر.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ(34)) الأعراف.
ولنتتبع ترتيب النزول , الذي يسجّل الله فيه أهم وأنفع ما في السيرة النبوية, نستخرج منه منهاج رب العالمين في بناء الفرد والأمة إن شاء الله.