سورة يوسف , قصة كاملة .. أحسن القصص ..
.. يمكن تلخيصها في كلمات , ولا تنتهي عجائبها في مجلدات
.. تظل تنهل منها العقول والقلوب فلا تشبع , وأولو الألباب يستخرجون منها العبرة , ما كان حديثا يفترى, ولكن تصديق الذي بين يديه, وهدى ورحمة, لقوم يؤمنون.
وقبل البدء في الدراسة , يمكن تلخيص القصة في سطور, كالتالي:
… حكى يوسف لأبيه يعقوب رؤيا رآها , أولها يعقوب بأن الله سيجتبي يوسف ويعلمه من تأويل الأحاديث ويجعله نبيا كآبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب , وحذره من أن يقص هذه الرؤيا على إخوته فيكيدوا له ويدخل الشيطان بينهم بالعداوة.
… تآمر إخوة يوسف عليه , وأقنعوا أباهم أن يرسله معهم يرتع ويلعب, ولكنهم جعلوه في غيابت الجب, وجاءوا على قميصه بدم كذب, وادّعوا أن الذئب قد أكله, فلم يصدقهم أبوهم , وصبر واستعان بالله على ما يصفون.
… جاءت سيارة إلى الجبّ , وأخذوا يوسف وشروه بثمن بخس إلى رجل من مصر , طلب من امرأته أن تكرم مثواه عسى أن ينفعهما أو يتخذاه ولدا . وكذلك مكّن الله ليوسف في الأرض , وعلمه من تأويل الأحاديث ,
… ولما بلغ أشده , آتاه الله حكما وعلما , وكذلك يجزي المحسنين.
… وراودته امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها عن نفسه فاستعصم , وقاوم إغراءها , وجذبت قميصه من دبر فتمزق وهو يحاول الفرار من الموقف ويسابقها إلى الباب , فحاولت إلصاق التهمة به أمام سيدها , ولكن شاهدا من أهلها وضع مقاييس منطقية لبيان الصدق من الكذب , فثبت صدق يوسف.
… ولكن الأخبار والشائعات تناقلتها نسوة في المدينة , فجمعتهن امرأة العزيز , وأخرجت يوسف عليهن فأبهرهن بجماله , فقطّّعن أيديهن , فاعترفت أمامهن بمحاولتها إغراءه وهددته بالسجن والصغار لو لم يفعل ما تأمره , فآثر السجن , ولجأ إلى الله كي يصرف عنه كيد النساء , فاستجاب الله له , ثم بدا لهم أن يسجنوه حتى حين.
… ودخل فتيان السجن مع يوسف, ولما رأياه من المحسنين , لجآ إليه في تأويل رؤياهما , فاستثمر الفرصة وأنبأهما بعقيدة التوحيد , ثم أوّل لهما الرؤيا , وأوصى أحدهما بالتوسط لدى الملك لكي يخرج يوسف من السجن , ولكنه لبث في السجن بضع سنين.
… رأى الملك رؤيا وطلب من ملَئه تأويلها فلم يستطيعوا , وتذكر زميله السابق في السجن قدرة يوسف على التأويل , وجاءه يطلب تأويل رؤيا الملك فأولها بما يفيد بأن قحطا سيحل بالمنطقة بعد خير ورخاء, ووضع خطة سبع سنين زراعة واستعداد لما يعقبها من سبع سنين من الجدب , ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.
… أعجب الملك تأويل يوسف , فأرسل في طلبه , ولكن يوسف أبى أن يخرج من السجن من قبل أن تثبت براءته , ولما شهدت النسوة له بالصلاح , واعترفت امرأة العزيز بخطئها , ثبتت براءة يوسف , وطلب الملك أن يأتوه بيوسف لكي يستخلصه لنفسه , فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين , فطلب يوسف منه أن يجعله على خزائن الأرض , وكذلك مكن الله ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.
… حدث ما أنبأ به يوسف ومرت السنون السبع الأولى , ثم جدبت الأرض وجفت السماء , وأتى إليه إخوته من بلادهم ليحصلوا على مئونتهم من القمح , فعرفهم وهم له منكرون. ولمّا جهزهم بجهازهم, طلب يوسف من إخوته أن يؤتوه بأخ لهم من أبيهم , وإلا فلا كيل لهم عنده , فراودوا عنه أباه حتى وافق بعد أن أخذ عليهم موثقا من الله ليأتُنه به إلا أن يحاط بهم , وطلب منهم عدم الدخول من باب واحد وأن يدخلوا من أبواب متفرقة لحاجة في نفس يعقوب قضاها.
… رسم يوسف خطة أدت إلى أن يضع أخاه في موضع تهمة بسرقة صواع الملك , وبناء عليها احتجزه عنده , وقرر أخوه الأكبر أن يظل في مصر بجوار أخيه حتى يأذن له أبوه أو يحكم الله له , وأرسل إخوته إلى أبيهم ليبلغوه بأن ابنه سرق , ولكن أباهم الذي ابيضت عيناه من الحزن كان موقنا بأن يوسف وأخاه سيعيدهما الله إليه , وطلب من أبنائه البحث عنهما بغير يأس.
… كشف يوسف عن شخصيته حين أتاه إخوته طالبين كيلا من الميرة ليطْعَموه , فتبين لهم أن الله قد آثره عليهم , وأنهم خاطئون , فعفا يوسف عنهم وأرسلهم إلى أبيه يعقوب ليلقوا قميصه على وجهه فيأتي بصيرا وطلب منهم أن يأتوه بأهلهم أجمعين ففعلوا , وأحسن استقبالهم واجتمع شمل الأسرة من بعد أن نزغ الشيطان بينهم , وكان هذا هو تأويل رؤيا يوسف من قبل كما رواها إلى أبيه , حين رأى في المنام أنه رأي أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين.
… هذا هو ملخص القصة.
تستكمل القصة بداية ونهاية , كما جاء فى سورة البقرة:
وصى يعقوب – أبو يوسف- بنيه بالحفاظ على إسلامهم حتى الموت , وسألهم قبل وفاته عن عقيدتهم ليطمئن على أنهم يعبدون الله الواحد وهم له مسلمون.
بدراسة القصة نجد دروسا وعبرا كثيرة , نستخرج منها ما يوفقنا الله لفهمه, ونستغفره عما قد نخطئ فيه وما لا نحسن فهمه وإدراكه , ونسأله سبحانه أن يعلمنا التأويل وأن يفتح لنا ما شاء من أبواب رحمته , وأن يحيطنا بشيء من علمه بما شاء سبحانه إنه هو العليم الحكيم.
وقد وجدت بفضل الله آيات في التربية وفي الإدارة, وفي الاقتصاد وفي السياسة, يمكن باستيعابها وفهمها والعمل بها, أن يرتقي المجتمع في أخلاقه وإدارته واقتصاده وسياسته, بإذن الله وتوفيقه.
اللهم نوّر قلوبنا بالقرآن , وزيّن أخلاقنا بالقرآن , وأجرنا من النار بالقرآن , وأدخلنا الجنّة بالقرآن.
… فلنبدأ معا.