تزوج زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم, من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها, وكان زيد يدعى زيدا بن محمد حيث تبناه رسول الله, فلما نزل تحريم التبني, والأمر بنسبة الابن لأبيه الحقيقي, فإن لم نعلم آباءهم, فإخواننا في الدين وموالينا, دعي زيدا ابن حارثة. كانت زينب ابنة عمة رسول الله ولم تتوافق مع زوجها زيد, وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر زيدا وينصحه: أمسك عليك زوجك. أراد الله سبحانه أن يشرع للناس تشريعا يخص زوجات الأدعياء, أو الابناء بالتبني, وبأنهن لا يحرمن على الآباء المتبنين لأزواجهن, إذا قضوا منهن وطرا وطلقوهن. خشي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يقول الناس: أمر زيدا فطلق زوجته, ثم تزوجها رسول الله, وقد كانت زوجة لابنه, إلا أن الله سبحانه أراد أن يبدي حكمه, فأنزل يقول: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)
وبهذا انتهت عادة في الجاهلية بنسبة الأبناء بالتبني لآبائهم, وبكل ما يترتب على ذلك من ترتيبات من زواج وميراث واختلاط للأنساب.
(مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) )
قال القرطبي: “سَنّ لمحمد صلى الله عليه وسلّم التوسعة عليه في النكاح سُنّة الأنبياء الماضية؛ كداود وسليمان. فكان لداود مائة امرأة وثلاثمائة سُرِّية، ولسليمان ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سُرِّية.”
فلا حرج على النبي صلى الله عليه وسلم في أن زوجه الله ممن كان دعيّه زيد قد تزوجها ثم طلقها. فلا يعتبر النبي بذلك قد تزوج ممن نكح ابنه, لأن زيدا ليس ابنه حقا. لهذا قال سبحانه وتعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى داراً فأكملها وأحسنها إِلا موضع لبنة، فكان من دخلها فنظر إِليها قال: ما أحسنها إِلا موضع هذه اللبنة، فأنا موضع اللبنة ختم بي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام» ورواه البخاري ومسلم والترمذي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما من قوم جلسوا مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه إلا رأوه حسرة يوم القيامة».