في سورة الذاريات, وضع الله لنا أساس العمل ألا يكون مستهدفا الرزق, بل يستهدف الطاعة والعبادة الحقة لله, فإنه هنا في سورة الغاشية يصنّف العاملين إلى قسمين: عمل ونصَب يؤدي إلى النار, وعمل وسعي مرضٍ يؤدي إلى النعيم والجنة.
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)
وكان صلّى الله عليه وسلم يقرأ سورة الغاشية مع الأعلى في الجمعة والعيد. والغاشية اسم من أسماء يوم القيامة حيث تغشى الناس. ولعل قراءته تذكير قبل الانتشار في الأرض بعد أن تقضى الصلاة (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله, واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) والتذكير يكون بنتائج السعي, إما بالذل والخشوع بعد العمل الشاق, وإما بالرضى, (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)) ناس يعملون كثيرا ويتعبون, ولكنهم يأتون بوجوه ذليلة يوم الغاشية. فعملهم ليس إخلاصا لله, وليس عبادة له. وليس هذا هو العمل المطلوب.
و(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9)) عملوا إخلاصا لله, أعمالا صالحة.
والدعاة دورهم التذكير فقط بالنسبة للعقيدة, وبالتالي لا إكراه في الدين, ولست عليهم بمسيطر, والعودة والإياب إلى الله, والحساب عليه.
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)