إن رسول الله صلى الله عليه وسلم, هو رسول الله للعالمين, بعث إلى الإنس والجنّ معا.
والجنّ خلق من خلق الله, كما أن الإنس والملائكة خلق من خلقه. والإنس والجن مكلفون محاسبون مبلّغون برسالة الله عن طريق رسول الله بكتاب الله. ودائرة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم, تتسع لتشمل الجن مع الإنس, فهو رسول الله إليهم جميعا.
والجنّ لهم قدرات خاصة, ولهم علاقة بالإنس. وهذا مما يغري بعض الناس لمحاولة الاقتراب منهم والتعرف عليهم ثم استعمال قدراتهم في الوصول إلى مالا يظن الإنسان أنه يستطيع الوصول إليه بجهده. وبالتالي يتجه الناس إلى غير ما أراد لهم الله من العمل واتخاذ الأسباب التي جعلها الله.
وحيث أن الجن غير منظورين من الإنس, وقدراتهم غير مقاسة, فإن الناس يخلطون فيهم الوهم مع الحقيقة, فتضيع الملامح, ويعيش الناس في الوهم. وهذا ما لا يرضاه الله لعباده الذين جعل لهم عقولهم وفضّلهم بها على كثير ممن خلق تفضيلا.
ومن الناحية الأخرى, فإن الجن كانوا جاهلين عن حقائق العقيدة واليوم الآخر والحساب ورسل الله, إلى أن استمعوا إلى القرآن.
فالجن وحدهم جاهلون بالحقائق, والإنس أيضا جاهلون بحقائق الجن, والمجموعات من الجن والإنس التي اتصلت ببعضها بهدف المزيد من المعرفة, أو المزيد من القوة والقدرات الخارقة, كل هؤلاء جاهلون بالحقيقة, ويحتاجون إلى إيضاحات وعلم وعقيدة.
والله سبحانه هو الذي علم آدم الأسماء كلها, وهو الذي قال لآدم وبنيه: (قلنا اهبطوا منها جميعا, فإما يأتينكم منّي هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون). فهو جلّ شأنه المصدر الوحيد للعلم الصحيح والهدى, من خلال رسالاته للناس بالوحي النازل على أنبياء الله ورسله, والذي نسخه الله بخير منه أو مثله في كتابه الخاتم القرآن الكريم, وبالتالي فإن الله يعلم بني آدم أن الأبواب التي كانت مفتوحة للمعرفة وللوصول إلى الأهداف من خلال الاستعانة بالجنّ قد أوصدت بعد نزول القرآن, وأن ما قد يأتي من خلالها الآن فهو محفوف بالمخاطر للجن, ومليء بالأكاذيب والأوهام, وعلى الناس أن يتجهوا في علمهم وفي طاعتهم وفي استعانتهم إلى الله وحده لا شريك له. وأن الوسيلة إلى ذلك هو اتباعهم لرسول الله , رسول الإنس والجنّ, رسول الله ربّ العالمين.
إذن: في هذه السورة – سورة الجنّ- يبين الله لنا حقيقة الجن, وحقيقة قدراتهم, وحدود التعامل معهم, كما يبين ما أعلم الله به الجن من آيات كتابه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم, الذي ضرب الأسوة الحسنة في عدم الاتصال بالجن مباشرة, وإنما هم استمعوا له, وأوحى الله سبحانه له بما كان من الجنّ حين استمعوا.(قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن)
أول ما جاء ذكر الجن بترتيب النزول, كان في سورة الناس, ولم يبين من هم الجِنّة, وإنما يفهم أن الوسواس الخناس يوسوس في صدور الناس, كما يفهم أن الناس يشملون الجنة والناس .
ثم في سورة الأعراف, بين الله بداية عصيان إبليس لله, وطرد الله له مذءوما مدحورا, بعد سوء خلقه مع الله جلّ وعلا.
ثم ذكر الله في الأعراف أيضا مصير الظالمين من الجن والإنس في النار: (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ(38)
ومنها يفهم أن مصير الجن ومصير الإنس واحد وحسابهم على نفس القواعد, وكلهم أمم تعقبها أمم, أي أن لهم جميعا أعمارا محدودة, وتتراكم خبراتهم وتتأثر كل أمة بمن سبقها.
ثم في أواخر سورة الأعراف, يبين الله أنه ذرأ لجهنم كثيرا من الجن والإنس: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ(179)
ومنها يفهم أن كثيرا من الجن والإنس غافلون, وأنهم جميعا لهم قلوب وأعين وآذان, والغافلون منهم لا يستخدمون هذه الحواس كما أراد لها الله, بالفقه والبصر والسمع.
ثم تلت سورةُ الجن سورةَ الأعراف, لتبين تفاصيل دقيقة عن ماهية الجن وعلاقتهم بالدعوة, وحدود علاقتهم بالإنس, وتبسُط وتمد دعوة الإسلام إليهم باعتباره دعوة للعالمين ورسوله رحمة للعالمين, ومسئوليته تمتد إلى الجن. وذلك امتداد لمرحلة من النجم إلى القمر لتعميم الدعوة, وهذه خصوصية للإسلام دون غيره من الرسالات التي سبقته كما قال صلى الله عليه وسلم: (كان كل نبيّ يبعث لقومه خاصة, وبعثت للناس عامة).
يعرفنا الله بالجن, حيث أنهم مكلفون مثلما نحن مكلفون, والقرآن كتابهم كما أنه كتابنا, ورسولنا ورسولهم واحد, ولكننا لم نكن نعرف عنهم إلا المعلومات المشوشة, والمخلوطة بالخرافة, والقدرات الخارقة غير المحدودة, والعلاقات بينهم وبين الإنسان لم تكن أيضا واضحة, ربما تورط بعض من الإنس في علاقات معهم, فهل يكون هذا أمرا مطلوبا أن نتعامل معهم, فيساعدوننا على حل مشاكلنا, والحصول على ما لا نستطيعه من أشياء, ومن قوة ؟ إن القرآن يبين حدود ذلك كله,
كما أن الجن أنفسهم لم تكن الصورة واضحة لهم. وحدثت تغيرات بعد بعثة رسول الله ونزول القرآن, تعجبوا لها فبحثوا عن سببها وعما حدث في الأرض, حتى وجدوا رسول الله يؤمّ الناس بالقرآن, فاستمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا, ونقلوا إلى قومهم الأنباء الجديدة التي حملها القرآن.
إن مصدر معلومات الجنّ الوحيد في العقيدة هو ما سمعوه من القرآن من رسول الله , وهذه علامة على أن ما سبق سورة الجن من التنزيل هو مصدر معلوماتهم عن العقيدة التي تبينت وذُكرت في هذه السورة.
وفي السورة كلمات خاصة, وأخرى متكررة, يجب أخذها في الاعتبار ودراستها: مثل كلمة عجب, رشَد , جدّ ربنا, سفيهنا, شططا, القاسطون, الطريقة, يسلكه, لبدا.
والآن إلى تدبًّر السورة:
- قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا(1)يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا(2)
الجن لم يتحدثوا مباشرة مع رسول الله, كما أنه لم يعلم أنهم استمعوا إليه إلا من الوحي, فالله سبحانه يقول له: قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ. ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنّ وما رآهم. وهو بذلك يعطي الأسوة الحسنة لنا بأنه غير مسموح للإنس أن يتصلوا بالجن, ولا أن يستعينوا بهم.
إن نفرا من الجن قد استمعوا للقرآن, وأعجبوا به وتأثروا, وعلموا أنه يهدي إلى الرشد فآمنوا به, وتعاهدوا على عدم الشرك بالله. - وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا(3)
لقد علموا من القرآن وحدانية الله, فنزّهوا الله وقالوا تعالى جدّ ربنا, ما اتخذ صاحبة ولا ولدا. وحيث أن مصدر علمهم عن القرآن هو ما استمعوا إليه, فإنني أرجّح -والله أعلم- أنهم استمعوا إلى سورة الإخلاص التي فيها: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وقارنوا هذا بما كان يقول الضالون من أهل الكتاب حيث كانت خرافات قد دخلت على عقيدتهم بنسبة الصاحبة والولد لله , حيث قالوا اتخذ الله ولدا, سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. - وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا(4)
ومن يكون سفيه الجنّ غير إبليس عليه لعنة الله. إن ما أنزله الله سبحانه في سورة ص وفي سورة الأعراف عن ما حدث من إبليس من كلام ومعصية وشطط, بلغ الجن في هذا التوقيت من ترتيب النزول, فعلموا أن هذا الذي علموه من سفيههم وما سمعوه يقوله لهم بالوسوسة, وللناس أيضا من بني آدم, ما هو إلا شطط وهو القول المفرط في الضلال والكذب والافتراء. - وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا(5) يعلن هذا النفر من الجن أنهم خدعوا فيما قاله بعض الإنس من نسبة الصاحبة والولد لله, ومن افتراءات إبليس الذي كان من الجن, وما كان هؤلاء النفر يظنون أن تقول الإنس والجن على الله كذبا.
- وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا(6)
لقد قامت علاقات بين الإنس والجن فلم تؤد إلا إلى الرهق والتعب. إذن فلا داعي لهذه العلاقة ولا فائدة منها. وهذا أيضا ربما فهمه الجن من آيات الأعراف: (قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار, كلما دخلت أمة لعنت أختها..)
والملاحظ أن هذا النفر من الجن يذكر الإنس قبل الجن. وفي كثير من المواضع في القرآن يذكر الجن قبل الإنس, وربما كان مزيدا من الأدب منهم بتقديم الإنس على أنفسهم, أو لشعورهم بتميّز الإنس الذين كان منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذلك أرجح والله أعلم.
- وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا(7)
إن المدة بين عيسى عليه السلام, وبين محمد صلى الله عليه وسلم, جعلت الجن والإنس يتصرفون وكأنهم لا ينتظرون أن يبعث الله أحدا بعد عيسى عليه السلام, فربما كان هذا مبررا لهم في إقامة علاقات والركون إلى التعاون غير المباح بين الإنس والجن, بهدف أن يصل الإنس إلى ما يطلبون دون اتخاذ الأسباب التي جعلها الله. وأن يجعلوا لأنفسهم الشريعة التي يرتاحون إليها, ويتصرفون بغير انتظار لحساب. - وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا(8)وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا(9)
الجن يمكنهم لمس السماء, وقد رأوها بعد نزول القرآن فوجدوها ملئت حرسا شديدا وشهبا. وأصبح هناك نظام جديد, فلم يعد سهلا على جني أن يستمع كما كان يفعل من قبل, فإن شهابا رصدا يطلق عليه. وهذا لا ينفي بالكامل إمكانية استماع الجن لبعض ما ينزل, حيث أنه لو فعل, يجد له شهابا رصدا, وربما يلحقه الشهاب ويصيبه, وربما يصيبه في مقتل, أو يصيبه في غير مقتل, وهذا ربما يؤدي إلى تأويل بعض ما يحدث مما يعدّ من الخوارق لبعض الناس باطلاعهم على غيب نسبيّ, أي على أمر حدث في مكان أو في ظروف يستحيل على هذا الإنسان أن يعلمه وحده, أو على غيب على وشك الوقوع, حيث صدر أمر الله بقول (كن) للكون بالتحرّك نحو تنفيذ إرادته سبحانه بقدر من قدره, فاستمع بعض الجنّ بعضا من هذا الأمر, وأبلغوه لقرنائهم من الإنس, إلا أن شهابا رصدا يصيب هؤلاء النفر من الجنّ, في غير مقتل, فربما يكون مصدر هذا النفر من الجنّ هو مصدر علم لبعض الناس بأشياء في سبيلها إلى التنفيذ, والله أعلم, إلا أن هذه الوسيلة للاطلاع على العلم, ليست من الأسباب التي أباحها الله للناس ولهذا فلا ينبغي للناس أن يلجأوا إليها. - وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا(10)
ليس للجن معرفة بما أريد بمن في الأرض من شر أو رشد, فحتى لو نجح أحدهم في الاستماع , فلن يستطيع أن يقطع أهو شر أم رشد. ولن يستطيع أن يؤول أو يفهم مغزى هذا الأمر. - وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا(11)
من الجن الصالحون ومنهم دون ذلك, وكما قال الله في الأعراف عن قوم موسى: وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك. وقد نزلت أيضا قبل سورة الجنّ, فلربما قاس الجن أنفسهم عليها, فوجدوا أنهم هم أيضا منهم الصالحون ومنهم دون ذلك. - وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا(12)
قدرات الجن عاجزة أمام قدرات الله, فالله قاهرهم ومعجزهم سبحانه, وهذا ضبط لعقيدتهم حيث كانوا من قبل يظنون أنه لا أحد أقوى منهم. - وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا(13)
وصلت حقيقة الإيمان والهدى إلى هذا النفر من الجن فآمنوا به, وعلموا أن في إيمانهم اطمئنان فلا خوف من بخس أو من رهق, وإنما الرهق في محاولاتهم التعاون مع الإنس.
إنهم الآن يقفون صفا باليقين في الله, وأن الوسيلة الوحيدة التي يأمنون بها الخوف والرهق, هي الإيمان, لا قوتهم تنفعهم, ولا اتصالهم بالإنس يفيدهم. - وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا(14)وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا(15)
والجن مثل الإنس منهم المسلمون ومنهم القاسطون, ومصيرهم هو نفس مصير الإنس. فمن أسلم فقد اتجه بإسلامه وتسليمه إلى الله, وإلى ما أنزل سبحانه, فهو بذلك يتحرى الرشَد, حتى وإن أخطأ أو تجاوز فهو يقيس نفسه على منهج الله فأولئك تحروا رشدا. وأما القاسطون فمصيرهم جهنم, بل هم لها حطب. - وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا(16)لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا(17)
ورزق الله وبركاته تصيب من استقاموا على الطريقة, وتكون مرحلة للفتنة, قد تدفع البعض إلى الإعراض عن ذكر ربه, حينئذ يسلكه الله عذابا صعدا - وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18)
- وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا(19)
- قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا(20)قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا(21)قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا(22)إِلَّا بَلَاغًا مِنْ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا(23)
- حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا(24)
- قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا(25)عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا(26)إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا(27)
- لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا(28)
والخلاصة أن الناس ينبغي ألا تكون لهم علاقات بالجن, ولا أن يستعينوا بهم. ومن يفعل ذلك لا يزداد إلا رهقا.
ولو كانت استعانة الإنس بالجن ذات فائدة, لأباحها الله, حتى يساعد الإنسان على أداء وظيفته في عمارة الكون. ولكن مشئية الله جعلت هذا النوع من الاستعانة -إن وجد- لا يزيد الإنسان إلا رهقا. وتظل فرص المنافسة متاحة بين الناس, كما يظل الابتلاء موجود لمن يحاول الاتصال بالجن, ولكنه لن يجني ثمارا نافعة من وراء هذه الاستعانة, والله أعلم